آخرها سنة سبع عشرة ، فأقام بها مدرسا للمالكية وشيخا للمستفدين عليه ، وقد أثنى عليه ابن خلكان ثناء كثيرا ، وذكر أنه جاء في أداء شهادة حين كان ابن خلكان نائبا في الحكم بمصر فسأله عن مسألة اعتراض الشرط على الشرط كما إذا قال إن أكلت إن شربت فأنت طالق لم كان لا يقع الطلاق حين يشرب أولا؟ وأذكر أنه أجاب عن ذلك في تؤدة وسكون. قلت : له مختصر في الفقه من أحسن المختصرات ، انتظم فيه جواهر ابن شاس (١) ، وله مختصر في أصول الفقه استوعب فيه عامة فوائد الأحكام لسيف الدين الآمدي ، وقد منّ الله سبحانه وتعالى علي بحفظه وجمعت كراريس في الكلام على ما أودعه فيه من الأحاديث النبوية ولله الحمد والمنة ، وله شرح المفصل والأمالي والمقدمة المشهورة في النحو ، اختصر فيها مفصل الزمخشري وشرحها ، وقد شرحها غيره أيضا ، وله التصريف وشرحه ، وله في العروض قصيدة على وزن الشاطبية انتهى. وقال في سنة اربع واربعين وستمائة : والضياء عبد الرحمن بن عبد الله العمادي المالكي الذي ولي وظائف الشيخ أبي عمرو ابن الحاجب حين خرج من دمشق سنة ثمان وثلاثين وجلس في حلقته ودرس مكانه بزاوية المالكية انتهى. وقال في سنة ثلاث وثمانين وستمائة : القاضي جمال الدين أبو يعقوب يوسف بن عبد السلام بن عمر الزواوي قاضي المالكية ومدرسهم بعد القاضي زين الدين الزواوي الذي عزل نفسه ، وكان ينوب عنه فاستقل في الحكم بعده ، توفي رحمهالله تعالى في الخامس من ذي القعدة وهو في طريق الحجاز ، وكان عالما فاضلا قليل التكلف والتكليف ، وقد شغر المنصب بعده ثلاث سنين ، ودرس بعده للمالكية الشيخ جمال الدين الشريشي ، وبعده أبو إسحاق اللوري ، وبعده مجد الدين أبو بكر التونسي ، ثم لما وصل القاضي جمال الدين سليمان (٢) حاكما درس بالمدارس والله سبحانه وتعالى أعلم. وأما محراب المالكية بالجامع المذكور فقد أم به جماعات.
قال الأسدي في تاريخه رحمهالله تعالى في سنة ست عشرة وستمائة : علي بن
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٦٩.
(٢) شذرات الذهب ٦ : ١٠٧.