ابو عمر المقدسي الزاهد محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن حسن الحنبلي القدوة الزاهد أخو العلامة موفق الدين ، ولد بجماعيل سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وهاجر الى دمشق لاستيلاء الفرنج على الأرض المقدسة ، وسمع الحديث من ابي المكارم عبد الواحد بن هلال وطائفة كثيرة ، وكتب الكثير بخطه ، وحفظ القرآن والفقه والحديث ، وكان اماما فاضلا مقريا زاهدا عبادا قانتا لله خائفا من الله منيبا الى الله ، كثير النفع طلق الوجه ، ذا اوراد وتهجد واجتهاد ، واوقات مقسمة على الطاعة بين الصيام والقيام والذكر وتعلم العلم والفتوى والفتوة والمروءة والخدمة والتواضع رحمهالله تعالى ، فلقد كان عديم النظير بزمانه ، خطب بجامع الجبل إلى أن توفي في الثاني والعشرين من شهر ربيع الاول رحمهالله تعالى انتهى. وقال في مختصر تاريخ الاسلام في سنة سبع المذكورة : والزاهد الكبير ابو عمر محمد بن احمد بن قدامة الصالحي الحنبلي واقف المدرسة المباركة وله ثمانون سنة انتهى. وذكر له شيخنا البرهان بن مفلح في الطبقات ترجمة طويلة الى ان قال : وله آثار جميلة منها مدرسة بالجبل ، وهي وقف على القرآن والفقه ، وقد حفظ القرآن فيها امم لا يحصون ، وذكر جماعة : أن الشيخ ابا عمر قطبا اقام قطب الوقت قبل موته ست سنين ، وكان آخر كلامه : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) الآية. وحزر من حضر جنازته فكانوا عشرين ألفا ودفن بجبل قاسيون انتهى. وأما والده فقال الحافظ الذهبي في سنة ثمان وخمسين في كتاب العبر : وفيها توفي الشيخ احمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ ابي عمر والشيخ موفق الدين وله سبع وستون سنة ، وكان خطيب قرية جماعيل فقرّ بدينه من الفرنج مهاجرا الى الله ، ونزل مسجد ابي صالح الذي بظاهر باب شرقي سنتين ، ثم صعد الى الجبل وبنى الدير ، ونزل هو وآله بسفح قاسيون وكانوا يعرفون بالصالحين لنزولهم بمسجد ابي صالح المذكور ومن ثم قيل جبل الصالحية ، وكان زاهدا صالحا قانتا لله صاحب جدّ وصدق وحرص على الخير رحمهالله تعالى انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في ترجمة ابي عمر في سنة سبع وستمائة : ولد سنة. ثمان وعشرين وخمسمائة