لساني كتوم لأسراركم |
|
ودمعي نموم لسرّي مذيع |
فلو لا دموعي كتمت الهوى |
|
ولو لا الهوى لم تكن لي دموع (١) |
وكان قدوم المأمون من خراسان إلى بغداد سنة أربع ومائتين. ودخلها في رابع صفر بأبّهة عظيمة ، وبحمل زائد.
قال إبراهيم بن محمد بن عرفة النّحويّ في تاريخه : حكى أبو سليمان داود بن عليّ ، عن يحيى بن أكثم قال : كنت عند المأمون وعنده جماعة من قوّاد خراسان ، وقد دعا إلى خلق القرآن حينئذ ، فقال لأولئك القوّاد : ما تقولون في القرآن؟
فقالوا : كان شيوخنا يقولون : ما كان فيه من ذكر الحمير والجمال والبقر فهو مخلوق ، وما كان من سوى ذلك فهو غير مخلوق. فأما إذا قال أمير المؤمنين هو مخلوق ، فنحن نقول كلّه مخلوق.
فقلت للمأمون : أتفرح بموافقة هؤلاء (٢)؟
قال ابن عرفة : أمر المأمون مناديا فنادى في الناس ببراءة الذّمّة ممّن ترحّم على معاوية أو ذكره بخير (٣).
وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة. فكثر المنكر لذلك ، وكاد البلد يفتتن ولم يلتئم له من ذلك ما أراد ، فكفّ عنه. يعني كفّ عنه إلى بعد هذا الوقت (٤).
ومن كلام المأمون : النّاس ثلاثة ، فمنهم مثل الغذاء لا بدّ منه على حال من الأحوال ، ومنهم كالدّواء يحتاج إليه في حال المرض ، ومنهم كالدّاء مكروه على كلّ حال (٥).
__________________
(١) المحاسن والمساوئ ٣٧٧ ، تاريخ دمشق ٢٨٠ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٨ ، الوافي بالوفيات ٧ / ٦٥٩ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٧ ، تاريخ الخلفاء ٣٣٣.
(٢) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٧ ، ٢٣٨.
(٣) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٨.
(٤) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٨.
(٥) عيون الأخبار ٣ / ٣ ، المحاسن والمساوئ ٥٦٥.