تَخْلُدُونَ) (١). وكان في الحلقة صاحب خبر للمأمون ، فرفع ذلك إلى المأمون ، فحقدها عليه. وكان قد بلغه أنّه كان على قضاء أبي العميطر. فلما رحل المأمون أمر بحمل أبي مسهر إليه ، فامتحنه بالرّقّة في القرآن (٢).
قال (٣) : وحدّثني أبو الدّحداح أحمد بن محمد : ثنا الحسن بن حامد النّيسابوريّ ، حدّثني أبو محمد : سمعت أصبغ وكان مع أبي مسهر هو وابن أبي النّجا خرجا يخدمانه ، فحدّثني أصبغ أنّ أبا مسهر دخل على المأمون بالرّقّة وقد ضرب رقبة رجل وهو مطروح بين يديه ، فوقف أبا مسهر في الحال ، فامتحنه فلم يجبه ، فأمر به ، فوضع في النّطع ليضرب رقبته ، فأجاب إلى خلق القرآن ، فأخرج من النّطع ، فرجع عن قوله ، فأعيد إلى النّطع ، فأجاب ، فأمر به أن يوجّه إلى بغداد ، ولم يثق بقوله ، فأحضر وأقام عند إسحاق بن إبراهيم ، يعني متولّي بغداد ، أيّاما لا تبلغ مائة يوم ، ومات.
قال الحسن بن حامد : فحدّثني عبد الرحمن ، عن رجل من إخواننا يكنى أبا بكر أنّ أبا مسهر أقيم ببغداد ليقول قولا يبرّئ فيه نفسه من المحنة ونفي المكروه ، فبلغني أنّه قال في ذلك الموقف : جزى (٤) الله أمير المؤمنين خيرا ، علّمنا ما لم نكن نعلم ، وعلم علما لم يعلمه من كان قبله.
وقال : قل القرآن مخلوق وإلّا ضربت عنقك ، ألا فهو مخلوق ، هو مخلوق.
قال : فأرجو أن تكون له في هذه المقالة نجاة (٥).
وقال الصّوليّ : ثنا عون بن محمد ، عن أبيه قال : قال إسحاق بن إبراهيم :
لمّا صار المأمون إلى دمشق ذكروا له أبا مسهر ووصفوه بالعلم والفقه ، فأحضره فقال : ما تقول بالقرآن؟
__________________
(١) سورة الشعراء ، الآيتان ١٢٨ و ١٢٩.
(٢) وانظر الخبر في قضاة دمشق ١٧.
(٣) أي ابن عساكر في تاريخ دمشق ٣٩٨.
(٤) في الأصل «جزا».
(٥) تاريخ دمشق ٣٩٨.