فقال : أخرجه.
فأخرجته فأكل أكلا جيدا ، وقال : ألا أخبرك بأعجوبة. شهد فلان وفلان عند القاضي بأربعة آلاف دينار على رجل. فأمرني أن أسأل عنهما. فجاءني صاحب الدّنانير فقال لي : لك من هذا المال نصفه وتعدّل شاهدي؟. فقلت :
استجبت لك ، وشهوده عندنا غير مستورين (١).
وقال حنبل : حضرت أبا عبد الله وابن معين عند عفّان بعد ما دعاه إسحاق بن إبراهيم ، يعني نائب بغداد للمحنة ، وكان أوّل من امتحن من النّاس عفّان ، فسأله يحيى بن معين فقال : أخبرنا.
فقال : يا أبا زكريّا لم أسوّد وجهك ولا وجوه أصحابك ، أي لم أجب.
فقال له : فكيف كان.
قال : دعاني إسحاق ، فلمّا دخلت عليه قرأ عليّ كتاب المأمون ، فإذا فيه : امتحن عفّان وادعه إلى أن يقول : القرآن كذا وكذا.
فإن قال ذلك فأقرّه على أمره ، وإلّا فاقطع عنه الّذي يجري عليه ، وكان المأمون يجري عليه خمسمائة درهم كلّ شهر.
قال : فقال لي إسحاق : ما تقول؟ فقرأت عليه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٢) حتى ختمتها. فقلت : أمخلوق هذا؟.
قال : يا شيخ إنّ أمير المؤمنين يقول : إنّك إن لم تجبه يقطع عنك ما يجري عليك.
فقلت له : يقول الله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (٣) فسكت وانصرفت.
فسرّ بذلك يحيى بن معين ، وأحمد ، ومن حضر (٤).
وقال إبراهيم بن ديزيل : لما دعي عفّان للمحنة كنت آخذا بلجام حماره ،
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٢ / ٢٧٠.
(٢) أول سورة الإخلاص.
(٣) سورة الذاريات ، الآية ٢٢.
(٤) تاريخ بغداد ١٢ / ٢٧١.