أبو نعيم صار كتابه إماما. إذا اختلف النّاس في شيء فزعوا إليه (١)
وقال أبو زرعة الدّمشقيّ : سمعت يحيى بن معين يقول : ما رأيت أثبت من رجلين : أبو نعيم ، وعفّان (٢).
وسمعت أحمد بن صالح يقول : ما رأيت محدّثا أصدق من أبيّ نعيم (٣).
وقال يعقوب الفسويّ : أجمع أصحابنا أنّ أبا نعيم كان غاية في الإتقان (٤).
وقال أبو حاتم (٥) : كان حافظا متقنا ، لم أر من المحدّثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيّره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثّوريّ.
وكان أبو نعيم يحفظ حديث الثّوريّ حفظا جيّدا ، وهو ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث ، ويحفظ حديث مسعر وهو خمسمائة حديث. وكان لا يلقّن.
وقال الرّماديّ : خرجت مع أحمد وابن معين إلى عبد الرّزّاق خادما لهما إلى الكوفة. قال يحيى : أريد أن أختبر أبا نعيم.
فقال أحمد : لا تريد ، الرجل ثقة.
فقال يحيى : لا بدّ لي.
فأخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثا ، وجعل على رأس كلّ عشرة منها حديثا ليس من حديثه. ثم جاءوا إلى أبي نعيم ، فخرج وجلس على دكّان طين ، وأخذ أحمد فأجلسه عن يمينه ، وأخذ يحيى فأجلسه عن يساره. ثم جلست أسفل الدّكّان. ثم أخرج يحيى الطّبق ، فقرأ عليه عشرة أحاديث ، فلمّا قرأ الحادي عشر قال أبو نعيم : ليس هذا من حديثي ، فاضرب عليه. ثم قرأ العشر الثاني ، وأبو نعيم ساكت ، فقرأ الحديث الثاني ، فقال أبو نعيم : ليس هذا من حديثي ، فاضرب عليه. ثم قرأ العشر ، الثالث ، وقرأ الحديث الثالث ، فتغيّر أبو نعيم وانقلبت عيناه ، ثم أقبل على يحيى ، فقال : أمّا هذا ، وذراع أحمد بيده ، فأورع من أن يعمل مثل هذا.
__________________
(١) تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٧.
(٢) تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٧.
(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٣٥٤ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٧.
(٤) تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٧.
(٥) في الجرح والتعديل ٧ / ٦٢.