حسبك ممّا تبتغيه القوت |
|
ما أكثر القوت لمن يموت (١) |
وله فيما أنشدنا أبو عليّ بن الخلّال : أنا ابن المقيّر ، أخبرتنا شهدة : أنا النّعاليّ ، أنا محمد بن عبيد الله ، ثنا عثمان بن السّمّاك ، ثنا إسحاق الختّليّ :
حدّثني سليمان بن أبي شيخ : أنشدني أبو العتاهية :
ننافس في الدّنيا ونحن نعيبها |
|
لقد حذّرتناها لعمري خطوبها |
وما نحسب السّاعات تقطع مدّة |
|
على أنّها فينا سريع دبيبها |
كأنّي برهطي يحملون جنازتي |
|
إلى حفرة يحثى عليّ كثيبها |
وداعية حرّى تنادي وإنّني |
|
لفي غفلة عن صوتها لا أجيبها |
وإنّي لممّن يكره الموت والبلى |
|
ويعجبه ريح الحياة وطيبها |
أيا هادم اللّذّات ما منك مهرب |
|
تحاذر منك النّفس ما سيصيبها |
رأيت المنايا قسّمت بين أنفس |
|
ونفسي سيأتي بعدهنّ نصيبها |
ومن شعره :
لدوا للموت وابنوا للخراب |
|
فكلّكم يصير إلى ذهاب (٢) |
لمن نبني ونحن إلى تراب |
|
نصير كما خلقنا من تراب |
ألا يا موت لم أر منك بدّا |
|
أتيت فما تحيف ولا تحابي |
كأنّك قد هجمت على مشيبي |
|
كما هجم المشيب على شبابي |
ويا دنياي ما لي لا أراني |
|
أسدّ بمنزل إلّا نبا بي |
وما لي لا ألحّ عليك إلّا |
|
بعثت الهمّ من كلّ باب |
أراك وإن ظلمت بكلّ لون |
|
كحلم النّوم أو لمع السّراب |
وهذا الخلق منك على وقار |
|
وأرجلهم جميعا في الرّكاب |
تقلّدت العظام من الخطايا |
|
كأنّك قد أمنت من العقاب |
فمهما دمت في الدّنيا حريصا |
|
فإنّك لا توفّق للصواب |
سأسأل عن أمور كنت فيها |
|
فما عذري هناك وما جوابي؟ |
__________________
(١) ديوانه ٤٤٨ ، والأغاني ٤ / ١٩.
(٢) في (الأغاني ٤ / ٧٠) : «تباب».