تعالى ممّا صدر منه (١) تلقّى من ربّه كلمات ، كما أشار القرآن الكريم : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). (٢)
إنّ المفسّرين والمحدّثين أعربوا عن آرائهم ووجهات نظرهم تجاه هذه الآية ومعناها ، وذلك استناداً إلى بعض الأحاديث ، وفيما يلي نذكر تلك الأحاديث لنرى النتيجة الّتي نحصل عليها بعد ذلك :
أخرج الطبراني في المعجم الصغير ، والحاكم في مستدركه ، وأبو نعيم الاصفهاني في حلية الأولياء ، والبيهقي في دلائل النبوّة ، وابن عساكر الدمشقي في تاريخه ، والسيوطي في تفسير الدرّ المنثور ، والآلوسي في تفسير روح المعاني ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّه قال :
«لَمّا أذْنَبَ آدَمُ الذنب الّذي أذْنَبهُ ، رَفَعَ رَأسَهُ إلى السَّماء فقالَ : أسألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إلّا غَفَرْتَ لي. فأوحى الله إليه : ومَنْ مُحَمَّدٌ؟ فقال : تبارَكَ اسْمُكَ ، لَمّا خُلقْتُ رَفَعْتُ رَأسي إلى عرشكَ فإذا فيهِ مَكْتُوبٌ : لا إلهَ إلّا الله وَمُحَمّدٌ رَسُولُ الله ، فَقُلْتُ : إنّه لَيْسَ أَحَدٌ أعظَمُ عِنْدَكَ قَدْراً مِمّن جَعَلْتَ اسْمَهُ مَعَ اسْمِكَ ،
__________________
(١) لقد ثبت أنّ النهي الوارد في قوله تعالى : «لا تَقْرَبا هذه الشَّجَرة» إنّما هو نهيٌ إرشادي وتنزيهي ، وليس نهياً تحريمياً مولويّاً ، والنهي الإرشادي هو بمثابة النصيحة والموعظة ، ومخالفة هذا النهي لا توجب عقاباً ولا مؤاخذة ، ولا تنافي العصمة بأيّ وجه ، وإنّما توجب تأثير العمل ذاته ، فمثلاً : لو نهى الطبيب المريض المصاب بالزكام عن تناول الحمضيّات ، فخالفه المريض ، فإنّ المخالفة تعكس الأثر الطبيعي لها ـ وهو اشتداد الزكام والمرض ـ وفي القرآن الكريم آيات تدلّ على أنّ نهي آدم عن اقتراب الشجرة كان نهياً إرشادياً ، ولا أثر لمخالفة هذا النهي سوى الخروج من الجنّة ، كنتيجة طبيعيّة لتلك المخالفة. يُرجى مراجعة الآية ١١٨ ـ ١١٩ من سورة طه.
(٢) البقرة : ٣٧.