٥. يروي البخاري في صحيحه :
«إنّ عمر بن الخطاب كان إذا قُحطُوا استَسقى بالعبّاس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ وقال : اللهُمّ كُنّا نَتَوَسَّلُ إليكَ بِنَبِيّنا فَتُسْقينا ، وإنّا نَتَوَسَّلُ إليكَ بِعَمِّ نَبِيّنا فاسقِنا.
قالَ : فيُسْقَونَ». (١)
لا كلام في صحّة هذا الحديث ، حتّى أنّ الرفاعي ـ الكاتب الوهّابي الّذي يردّ أحاديث التوسّل المتواترة مهما أمكنه ـ قد اعترف بصحّة هذا الحديث وقال :
«إنّ هذا الحديث صحيح (٢) فإن صحّ هذا الجواز شرعاً فنحن من أسبق الناس إلى الأخذ به والعمل بمقتضاه».
فمع الانتباه إلى ما ذكروه عن عمر بن الخطّاب بشأن التوسّل بالعبّاس ، وأنّه أقسمَ بالله بأنّ «هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه» يتّضح بأنّ حقيقة التوسّل ـ في هذا المجال ـ هي التوسّل بذات العبّاس ونفسه ، أو بشخصيّته ووجاهته عند الله تعالى ، لا بدعاء العبّاس.
هذا ... وقد روى محمّد بن النعمان المالكي ـ المتوفّى سنة ٦٨٣ ه ـ في كتابه «مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام» كيفيّة توسّل عمر بالعبّاس وأنّه قال :
«اللهمَّ إنّا نسْتَقيكَ بعَمِّ نَبيّك وَنَسْتَشْفِعُ إلَيْكَ بِشَيْبَتهِ ، فَسُقُوا» وفي ذلك يقول العبّاس ابن عُتبة بن أبي لهب :
بعمّي سقى الله الحجاز وأهله |
|
عشِيّة يَستسقي بشيبَته عُمَرُ (٣) |
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٣٢ ، باب صلاة الاستسقاء.
(٢) كان الصحيح أن يقول : إنّ هذا التاريخ صحيح ، لأنّ الحديث ـ في الاصطلاح ـ هو كلام النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وكلامنا الآن عن الأحداث التاريخية ، وقد سبق ذكر الأحاديث الشريفة.
(٣) وفاء الوفا : ٣ / ٣٧٥ ، نقلاً عن مصباح الظلام