وهكذا ظهر لك ـ أيّها القارئ ـ جواز النذر للأنبياء والأولياء ، من دون أن يكون فيه شائبة شرك ، فيُثاب به الناذر إن كان لله وذبح المنذور باسم الله ، فقول القائل «ذبحتُ للنبيّ» لا يريد أنّه ذبحه للنبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بل يريد أنّ الثواب له ، كقول القائل : «ذَبحتُ للضيف ، بمعنى أنّ النفع والفائدة له ، فهو السبب في حصول الذبح.
ويوضّح ذلك ما روي عن ثابت بن الضحّاك قال :
«نَذر رجلٌ على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن ينحر إبلاً ب «بوانة» فأتى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فأخبره ، فقال [النبيّ] :
هل كان فيها وَثَن يُعْبَدُ من أوثان الجاهلية؟
قالوا : لا.
قال : فهل كان فيها عيدٌ من أعيادهم؟
قالوا : لا.
قال ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ للسائل : أوْفِ بنذرِكَ ، فإنّه لا وفاء لنَذْرٍ في معصية الله ، ولا فيما لا يَمْلِكُ ابنُ آدَم». (١)
وروي أيضاً :
«إنّ امرأة أتت النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقالت : يا رسول الله ... إنّي نذرتُ أن أذبح بمكان كذا وكذا ـ مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية.
فقال النبي : ألصنم؟
قالت : لا.
قال : ألوَثَن؟
__________________
(١) سنن أبي داود : ٢ / ٨٠.