فلو أقام مراسم خاصّة أشاد فيها بشخصية ذلك العظيم وحياته المتلألئة وفضائله الكريمة وتضحياته السامية ، واستعرض جانباً من آلامه وما جرى عليه من المصاعب والمصائب ... فهل ارتكب حراماً بعمله هذا؟ أم أنّه أحيا ذكر ذلك العظيم وأدّى «المودّة» تجاهه؟!!
ولو أنّ الإنسان ـ لمزيد المودَّة في القربى ـ تفقّد من ينتسب إلى ذوي القربى ، وقام بزيارة قبور ذي القربى وأقام تلك المجالس عند مراقدهم ... ألا يحكم العقلاء وأهل البصيرة والدين بأنّه يؤدّي فريضة «المودّة في القربى»؟!
إلّا أن يقول الوهّابيّون : إنّ الواجب هو كتمان المودّة في النفوس وعدم إبرازها بأيّ وجه ممّا هو ثابت البطلان!!
لقد شهد عصر النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وما بعده من العصور الّتي عاشت تغييراً في العقائد وتحوّلاً في الأفكار ـ شهد إقبالاً عظيماً من الشعوب والأُمم المختلفة تجاه الإسلام ، حتّى قال تعالى :
(... وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً). (١)
وكان الإسلام يحتضنهم ويكتفي منهم ـ في البداية ـ بالشهادتين ، مع محافظتهم على ثقافتهم وآدابهم وتقاليدهم ، ولم يعمل النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ومن جاء من بعده ، على فرض الرقابة على عادات الشعوب وتقاليدها ، وصَهْرها في بوتقةٍ واحدة.
إنّ احترام كبار الشخصيّات وإقامة مجالس العزاء في ذكريات وفاتهم ، والاجتماع عند مراقدهم ، وإظهار الحبِّ والمودّة لهم ... كلّ ذلك كان ولا يزال أمراً متداولاً لدى كافة الشعوب في العالَم كلّه ..
وفي عصرنا الحاضر ... ترى الشعوب الشرقية الغربية تقف ساعات طويلة في
__________________
(١) النصر : ٢.