فكيف تكون هذه المحبّة والمودَّة والتعبير عن العلاقة الشديدة بالمحبوب «يوسف» في حياته عملاً صحيحاً ومتّفقاً مع توحيد الله تعالى ، ولكنّها تنقلب بدعة وحراماً بعد وفاته؟!!
مع العلم أنّ فراق العزيز وموته يترك في القلب نيران الأسى والحزن والألم بصورة أكثر من فراقه في حياته.
واليوم ... إذا اجتمع المؤمنون ـ الذين يشبهون يعقوب في حزنه ـ في عزاء وليّ من أولياء الله ـ كالأئمّة الطاهرين الذين يشبهون يوسف في مصابه ، بل مصابهم أشدّ منه كثيراً ـ وأحيوا ذِكر ذلك الوليّ الصالح ، بالكلمات والخُطَب والقصائد ، وردّدوا سيرته وخُلُقه الكريم وخصاله الحميدة وسلوكه الطيّب ، ثمّ ذرفوا دموع العاطفة والحنان عليه ... فهل معنى هذا كلّه أنّهم عبدوا ذلك الولي؟!
قليلاً من التفكّر والموضوعية!
قليلاً من الفهم والمعرفة!
الآية الثالثة :
قال تعالى :
(... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ...). (١)
ممّا لا شكّ فيه أنّ مودّة ذي القربى هي إحدى الفرائض الدينية الّتي نصّ عليها القرآن بكلّ صراحة. (٢) فلو أراد شخص أن يؤدّي هذا الواجب الديني ـ بعد أربعة عشر قرناً ـ فما ذا يجب أن يفعل والحال هذه؟!
أليس المطلوب أن «يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم»؟!
__________________
(١) الشورى : ٢٣.
(٢) لقد وردت عشرات الأحاديث عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في أنّ «القربى» في الآية هم أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ.