إنّ الوهّابيّة ـ بهذه العقائد الجافّة ـ تُشوّه سمعة الإسلام أمام الرأي العامّ العالمي ، وتعرِّفه ديناً عارياً عن كلّ عاطفة ، وفاقداً للمشاعر الإنسانية ، وناقصاً عن كلّ تكريم واحترام ، ورافضاً لتكريم عظمائه وقادته ، وبهذا تُنفِّر الناس من الإسلام وتتركهم في رفضٍ واشمئزازٍ منه.
تماماً ... بعكس الإسلام الّذي جعله الله ديناً سهلاً سمحاً يتجاوب مع الفطرة البشرية ويتماشى مع العاطفة الإنسانية ، ويجذب ـ بجماله وروعته ـ الشعوب والأُمم إلى اعتناقه.
الآية الثانية :
إنّ الوهّابيّة ـ الّتي تُعارض كلّ نوع من أنواع العزاء والبكاء على الشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله ما ذا تقول بشأن ما حصل للنبيّ يعقوب ـ عليهالسلام ـ؟!
إذا كان النبيّ الكريم (يعقوب) اليوم حيّاً يعيش بين أهالي «نجد» وأتباع محمّد بن عبد الوهّاب ، كيف كانوا يحكمون عليه؟!
لقد كان يعقوب ـ عليهالسلام ـ يبكي على فراق ولده يوسف ليلاً ونهاراً ، ويستفسر عنه ويترنَّم باسمه حتّى : (... ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ). (١)
وبالرغم من كلّ ما كان يعاني منه يعقوب من ابيضاض العين وحزن القلب وألم الفراق ، فإنّه لم ينس ابنه يوسف ، بل كان يزداد شوقاً إليه كلّما قرب الوصال واللقاء به ، حتّى أنّه شمّ ريح يوسف من مسافة بعيدة.
قال تعالى عن لسانه :
(إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ). (٢)
__________________
(١) يوسف : ٨٤.
(٢) يوسف : ٩٤.