فانّ وزان هذه الآية وزان قوله :
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ). (١)
وعلى ضوء ذلك فالمراد من لفظ الإله في التعريف نفس المراد من لفظ الجلالة لكن بصورة كلية حتّى يشمل الآلهة الكاذبة والأصنام المزعومة. (٢)
٢. انّ للألوهية درجات ومراتب أعلاها كونه خالقاً للكون بعامة أجزائه وهو من شئون الله سبحانه وأدناها كون الموجود مالكاً مقام الشفاعة والمغفرة فالأصنام عند المشركين آلهة بالمعنى الثاني ، لا بالمعنى الأوّل.
فكلّ خضوع نابع عن الاعتقاد بالوهية المخضوع له بمرتبة من مراتبها فهو عبادة سواء كان الاعتقاد بالألوهيّة حقّاً أم باطلا.
وبعبارة أُخرى : انّ الإله هو الذي يكون بيده مصير العباد عاجلاً وآجلاً كما هو الحال في الإله الحقيقي المعبر عنه بلفظة الجلالة ، فإذا خضع امام موجود بما انّه يملك شيئاً ممّا يرجع إلى الألوهية من الحياة والموت والزرق والنعمة ، وغفران الذنوب والشفاعة فيوصف خضوعه عبادة لانّه خضع امام موجود بما هو إله سواء أكان الهاً واقعياً أو إلهاً باطلاً.
وأمّا إذا خضع مجرداً عن هذا العنوان بل بما انّه عبد من عباد الله سبحانه وله مقام ومنصب في المجتمع أو انّ له حقاً عليه في الحياة فيوصف بالتكريم والتعظيم لا بالعبادة.
وممّا يدلّ على انّ خضوع المشركين امام أصنامهم كان مقروناً باعتقاد انّهم
__________________
(١) الزخرف : ٣.
(٢) وقد بسطنا الكلام في هذا الموضوع في كتابنا «مفاهيم القرآن» : ١ / ٤٩٢ ـ ٤٩٦.