آلهة يملكون لهم العزّة في الحياة والنصرة في الحرب قوله سبحانه :
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا). (١)
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ). (٢)
فكان المشركون يرون العزة والنصر بيد الآلهة مع انّهما من أفعاله سبحانه ، فيخضعون امامها بما انّها آلهة ، ولذلك يرد عليهم الذكر الحكيم ويقول :
(لا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ). (٣)
إنّ التأمّل في الآيات الّتي تتحدّث عن شرك عبدة الأصنام يكشف لنا عن هذه الحقيقة وهي أنّ شرك هؤلاء إنّما كان بسبب اعتقادهم بألوهيّة أصنامهم المعبودة ، وأنّ تلك الأصنام هي آلهة صغيرة قد خَوَّل الإله الأكبر بعضَ صلاحياته إليهم ، وإن كانت مخلوقة ومعبودة في وقت واحد ، ولهذا كانوا يرفضون دعوة التوحيد.
يقول القرآن الكريم :
(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ).(٤)
هذا وللمفسّر القدير المرحوم آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي تعريفاً رائعاً للعبادة في تفسيره القيّم «آلاء الرحمن» يقول :
العبادة : ما يرونه مستشعراً بالخضوع لمن يتّخذه الخاضع إلهاً ، ليوفّيه بذلك ما يراه له من حقّ الامتياز بالإلهيّة. (٥)
إنّ المرحوم البلاغي قد صبّ نظريته العلميّة ـ بإيحاء من الفطرة ـ لكلمة
__________________
(١) مريم : ٨١.
(٢) يس : ٧٤.
(٣) الأعراف : ١٩٢.
(٤) المؤمن : ١٢.
(٥) تفسير آلاء الرحمن : ١ / ٥٧.