لهم نفوذ المشيئة معه لا محالة.
ويدلّ على ما قلنا آيات كثيرة كقوله تعالى : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ). (١)
وقوله : (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ). (٢)
والاستفهام في الآيتين إنكاري على سبيل التوبيخ لهم على ما اعتقدوه. وحكى الله عن قوم هود قولهم له ـ عليهالسلام ـ : (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ ...) (٣) وقوله لهم : (... فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ...) الآية. (٤)
وكقوله تعالى موبّخاً لهم يوم القيامة ما اعتقدوه لها من الاستقلال بالنفع ووجوب نفوذ مشيئتها : (... أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ). (٥)
وقولهم : وهم في النار يختصمون يخاطبون من اعتقدوا فيهم الربوبية وخصائصها : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ). (٦)
فانظر إلى هذه التّسوية الّتي اعترفوا بها حيث يصدق الكذوب ، ويندم المجرم حين لا ينفعه ندم.
فإنّ التسوية المذكورة إن كانت في إثبات شيء من صفات الربوبية فهو المطلوب. ومن هذه الحيثية شركهم وكفرهم ، لأنّ صفاته تعالى تجب لها الوحدانية
__________________
(١) الملك : ٢٠.
(٢) الأنبياء : ٤٣.
(٣) هود : ٥٤.
(٤) هود : ٥٥ ـ ٥٦.
(٥) الشعراء : ٩٢ ـ ٩٣.
(٦) الشعراء : ٩٧ ـ ٩٨.