وبعبارة أُخرى : إنّ الأعمال الإلهية هي الّتي يكون الفاعل مستقلاً تماماً في تنفيذها ، ولا يحتاج إلى الغير في إنجازها أبداً.
أمّا الأعمال غير الإلهية ـ سواء كانت بسيطة وعادية أو صعبة وغير عادية ـ فهي الّتي لا يكون الفاعل مستقلاً في تنفيذها ، بل يتمّ التنفيذ تحت ظلّ قدرة مستقلّة وبالاستمداد منها ، وهي قدرة الله تعالى.
بناءً على هذا فليس هناك أيُّ مانع من أن يتفضّل الله على أوليائه بالقدرة على إنجاز الأعمال الخارقة للعادة والطبيعة ، والّتي يعجز البشر عادة عن القيام بها.
يقول الله تعالى للنبيّ عيسى ـ عليهالسلام ـ :
(... تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي ...). (١)
فما أصرح من هذه الآية في الدلالة على الموضوع؟!
إنّ هذه المجموعة من الآيات تدلّ على أنّ أولياء الله كانوا يملكون هذه القدرة ، وأنّ طلب الناس منهم القيام بالأعمال الاستثنائية والإعجازية كان أمراً مُتداولاً معروفاً.
أيُّها القارئ الكريم : لقد تحدّثنا ـ حتّى الآن ـ عن الصور الثلاث للاستعانة بأولياء الله في حياتهم ، على ضوء القرآن الكريم ، وقد عرفتَ بأنّ القرآن يُصرّح بصحّة تلك الصور ويؤكّد عليها في آيات متعدّدة.
أمّا التحدّث عن الصورتين الأخيرتين اللّتين تتعلّقان بالاستعانة بالأرواح المقدّسة فسيأتيك في الفصل القادم إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) المائدة : ١١٠.