يدعو الله ويسأله توفير الماء بل طلبوا منه أن يوفّر لهم الماء فجأة ومن دون سبب مادّي ، ولهذا أمره الله بأن يضرب بعصاه الحجر كي ينفجر منه الماء ، بطريقة إعجازيّة ، قال سبحانه:
(... فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ...). (١)
وأوضح من هذه الآية هي الآية الّتي تحكي قصّة النبيّ سليمان ـ عليهالسلام ـ عند ما طلب من الحاضرين عنده بإحضار عرش بلقيس ، على الرغم من الحواجز والموانع الّتي كانت في طريقه يقول (٢) تعالى ـ حاكياً قول سليمان لمن حولَه ـ :
(... أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ). (٣)
لقد كان هدف سليمان ـ عليهالسلام ـ إحضار عرش بلقيس بطريقة غير عادية ، ولقد تحقّق ذلك فعلاً بطريق خرق الطبيعة ، كما قال سبحانه :
(قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ ...). (٤)
إنّ روح الموضوع وبيت القصيد هو تصوّر البعض بأنّ الأعمال العادية هي من صلاحيات الإنسان ، وأنّ الأعمال الاستثنائية ـ الّتي يعجز الناس عنها عادة ـ خاصّة بالله سبحانه ، وهذا هو الخطأ ، لأنّ المقياس في تمييز أفعال الله عن غيره هو الاستقلال وعدم الاستقلال فيها.
إنّ الأعمال الإلهية هي الّتي ينفّذها الفاعل ـ وهو الله ـ دون تدخّل الغير فيها ودون الاستعانة بقدرة الآخرين.
__________________
(١) البقرة : ٦٠.
(٢) كان النبيّ سليمان في الأُردن وكان عرش بلقيس في اليمن ، وبينهما مئات الفراسخ والكيلومترات.
(٣) النمل : ٣٨.
(٤) النمل : ٤٠.