إلى أن أهلك الله ابن تيمية في عام ٧٢٨ ه في سجن الشام ، فحاول تلميذه ابن القيّم أن يواصل نهج أُستاذه ، لكنّه لم يفلح في ذلك ، فماتت أفكار ابن تيميّة بموته ، وفنيت بفنائه ، وزالت بزواله ، واستراح المؤمنون من بدعه وضلالاته.
إلى أن ألقى الشيطان حبائله من جديد ، فجاء محمّد بن عبد الوهّاب حاملاً أفكار ابن تيميّة البائدة واتّفق مع آل سعود ليقوم كلّ منهما بتأييد الآخر ، هذا في الحكم وذاك في التشريع ، فعاد الضلال ينشر خيوطه في «نجد» وانتشرت الوهابيّة في بلاد نجد انتشار السرطان الأثيم في الجسم ، فانخدع جمعٌ من الناس ، وتحزَّبوا ـ ومع كلّ أسف ـ باسم التوحيد للقضاء على أهل التوحيد ، وأراقوا دماء المسلمين باسم الجهاد مع المشركين ، وراح الأُلوف من الناس ـ رجالاً ونساءً وصغاراً وكباراً ـ ضحيّة لهذه البِدع والأباطيل ، وتوسّعت شُقّة الخلاف بين المسلمين ، وأُضيف على مذاهبهم المتعدّدة ، مذهب جديد.
وقد بلغت المصيبة ذروتَها عند ما سقط الحَرَمان الشريفان ـ مكّة والمدينة ـ في قبضة هذه الزمرة المنحرفة ، وعمد النجديّون الوهّابيّون ـ وبالتعاون مع بريطانيا الحاقدة التي كانت تهدف تقسيم الدولة الإسلامية إلى دويلات صغيرة تحدُّها الحدود الجغرافية ـ عمدوا إلى محو الآثار الإسلامية في مكّة والمدينة ، وهدم قبور أولياء الله وهتك حرمة آل رسول الله ، وغير ذلك من الجرائم والمنكرات التي يهتزّ لها ضمير المسلم.
يقول بعض المؤرّخين :
«بادر الوهّابيّون ـ لمّا استولوا على مكّة ـ بالمساحي فهدموا ـ أوّلاً ـ ما في «المعلّى» مقابر قريش ـ من القباب ، وهي كثيرة ، منها قُبّة سيّدنا عبد المطّلب جدّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقُبّة سيّدنا أبي طالب ـ رضوان الله عليه ـ وقبّة السيدة خديجة ـ رضوان