إنّ طلب الدعاء من الأخ المؤمن هو أمرٌ مُسْتَحسن ولم يتردّد في حُسنه أحدٌ من علماء الإسلام والمذاهب المتعدّدة حتّى الوهّابيّة ـ فكيف بدعاء النبيّ والأولياء الصالحين؟!
طبعاً ... لا يمكن القول بأنّ حقيقة الشفاعة لا تتجاوز الدعاء في مواقف يوم القيامة ، ولكن يمكن القول بأنّ من المعاني الواضحة للشفاعة هو الدعاء ، وأنّ مَن يخاطب أحد أولياء الله ويقول : «يا وَجيهاً عِنْدَ الله إِشْفَعْ لَنا عِنْدَ الله» لا يقصد إلّا هذا المعنى.
يروي نظام الدين النيشابوري في تفسير قوله تعالى :
(... مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها). (١)
يروي عن مقاتل أنّه قال :
الشَّفاعة إلى الله إنّما هي الدَّعوة لِمُسلم.
وقد روي عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّ دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك موكل كلّما دعا لأخيه بخير ، قال الملك الموكّل به : آمين ولك بمثل. (٢)
إنّ ابن تيميّة هو من الّذين يعتبرون طلب الدعاء من الإنسان الحيّ صحيحاً ، وعلى هذا الأساس فانّ طلب الشفاعة لا يختصّ بالنبيّ وأولياء الله ، بل يجوز ذلك من كلّ مؤمنٍ يحظى بالوجاهة والمنزلة عنده سبحانه.
والفخر الرازي هو أحد الذين يُفسّرون «الشفاعة» بالدعاء والتوسُّل إلى الله تعالى ، فقد قال ـ في تفسير قوله سبحانه :
(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً ...). (٣)
__________________
(١) النساء : ٨٥.
(٢) صحيح مسلم : ٨ / ٨٦ ، دار الفكر ، بيروت.
(٣) غافر : ٧.