«اقض دَيني» أو «اشف مريضي» أو نحو ذلك فقد دعا النبيّ والصالح ، والدعاء عبادة بل مُخُّها ، فيكون قد عبد غير الله وصار مشركاً ، إذ لا يتمّ التوحيد إلّا بتوحيده تعالى في الإلهيّة (١) باعتقاد أن لا خالق ولا رازق غيره ، وفي العبادة بعدم عبادة غيره ولو ببعض العبادات ، وعُبّاد الأصنام إنّما أشركوا لعدم توحيد الله في العبادة». (٢)
الجواب
ممّا لا شكّ فيه أنّ لفظ «الدعاء» ـ في اللغة العربية ـ معناه : النداء ، وقد يُستعمل في معنى العبادة ، إلّا أنّه لا يمكن ـ بأيّ وجه ـ أن نعتبر الدعاء والعبادة لفظين مترادفين في المعنى ، فلا يمكن أن نقول : كلّ دعاء عبادة ، وذلك للأُمور التالية :
الأوّل : لقد استعمل القرآن المجيد لفظ «الدعاء» في مواضع عديدة ، ولا يمكن القول بأنّ مقصوده منه : العبادة ، فمثلاً ... يقول تعالى :
(قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً). (٣)
فهل يصحّ أن يُقال : إنّ النبيّ نوحاً ـ عليهالسلام ـ قصد من كلامه هذا أنّه عبد قومه ليلاً ونهاراً؟!
واقرأ قوله تعالى ـ عن لسان إبليس في خطابه للمذنبين يوم القيامة ـ :
(... وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي). (٤)
هل هناك من يحتمل أنّ معنى دعاء الشيطان للمذنبين هو عبادته لهم؟! مع العلم أنّ العبادة ـ إذا تحقّقت ـ تكون من المذنبين للشيطان لا من الشيطان لهم.
__________________
(١) لقد استعمل الصنعاني كلمة «الإلهيّة» بدل «الربوبيّة» على خلاف عادة الوهّابيّين.
(٢) كشف الارتياب : ٢٧٣ ـ ٢٧٤ نقلاً عن تنزيه الاعتقاد للصنعاني.
(٣) نوح : ٥.
(٤) إبراهيم : ٢٢.