(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا ...). (٢)
ويقول سبحانه :
(... وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ). (٣)
في هذه الآية جاء بلفظ «تَدْعُونَ» وفيها دلالة واضحة على أنّ هذه الدعوة هي دعوة الأصنام ، وكان المشركون يعتقدون بأنّها آلهة «مِنْ دُونِهِ» تضرُّ وتنفع ، ولهذا ردّ الله عليهم بقوله : (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ).
وجاء هذا المعنى في آية مماثلة بلفظ «تَعْبُدونَ» وهي قوله سبحانه :
(... إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً ...). (٤)
وفي آية أُخرى جاءت الكلمتان مُتقارنتين بمعنى واحد ، وهي قوله عزوجل :
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ...). (٥)
أيّها القارئ الكريم : أرجو منك أن تقوم بمراجعة «المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم» مادّة : «عَبَدَ» و «دعا» كي ترى بعينك كيف جاء لفظ «العبادة» ـ في آية ـ و «الدعوة والدعاء» ـ في آية أُخرى ـ بمعنى واحد ومضمون واحد ، ممّا يدلّ ـ أوضح دلالة ـ على أنّ المقصود من الدعوة والدعاء ـ في هذه الآيات ـ هي العبادة ، لا مطلق النداء والدعاء.
فإذا تأمّلتَ الآيات الّتي تضمّنت لفظ «الدعاء والدعوة» بمعنى العبادة ، لرأيت أنّ تلك الآيات تتحدّث عن الصراع بين الإيمان والكفر ، بين عبادة الله
__________________
(١) المائدة : ٧٦.
(٢) الأنعام : ٧١.
(٣) فاطر : ١٣.
(٤) الأنعام : ٥٦ ، وبهذا المضمون في سورة غافر : آية ٦٦.