غير أنّ الغيارى والواعين من العلماء من مختلف المذاهب والطوائف الإسلامية ، تصدّوا بحزم للرجل (وهو ابن تيمية الحراني الدمشقي) وشجبوا عقائده الشاذة وآراءه التي خالف بها جميع المذاهب ، فهدأت الضجّة ، وخمدت نيران الفتنة ، ووقى الله المسلمين ما كان أعظم.
ولكن لم تَمرّ أربعة قرون إلّا وظهر رجلٌ آخر (هو محمد بن عبد الوهاب النجدي) من أرض الحجاز أحيا تلك العقائد والآراء الميّتة ونادى بها من جديد ، مع إضافات أشدّ شذوذاً وغرابة عمّا كان عليه المسلمون عقيدةً وعملاً طيلة قرون منذ وفاة الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، مستغلاً جهل طائفة من أعراب البادية الجفاة ، ومستعيناً بزمرة من ذوي الأطماع في الملك والسلطان ، فأوقد مرة أُخرى نيران الفتنة الخامدة من جديد ، ومضت هذه الجماعة تُكفّر المسلمين وتفسّقهم ، وترميهم بالشرك ، وعبادة غير الله تعالى وهم أهل الصلاة والقبلة.
وزاد الطين بلة أن أخذت حكومة آل سعود على عاتقها ، وبما أُوتيت من ثروة عظيمة نفطية وغير نفطية ، ترويج هذه العقائد التي خالف بها مؤسّسها ومروّجها إجماع المسلمين ولم يقل بها أحد قبلهما إلى القرن السابع ، وبذلك أشغلت بال أبناء الأُمّة الإسلامية بأُمور تافهة ، وصرفتهم عن التفكير في جوهر الدين ، والعمل في مجال القضايا المصيرية.
فانّ الّذي يلاحظ ما يسمّى اليوم بالمذهب الوهابي ، والمتقمّص رداء السلفية لا يرى سوى فقاعات وقشور ، وكأنّ الإسلام العظيم ليس إلّا إطالة اللحى وتقصير الثياب ، وحرمة تقبيل أضرحة الأنبياء والصالحين ، وحرمة التوسل بعباد الله المقرّبين!!
إنّ هؤلاء لا يهمّهم ـ وللأسف ـ وحدة المسلمين وتماسك كيانهم ، واجتماع