ويقصد السمهودي أنّ موضع قبر فاطمة بنت أسد تحوّل بعد ذلك إلى مسجد. ويقول أيضاً :
«إنّ مصعب بن عمير وعبد الله بن جحش دُفنا تحت المسجد الّذي بُني على قبر حمزة». (١)
وقد كان ذلك المسجد موجوداً حتّى احتلال الوهّابيّين لهذه البقاع المقدّسة ، حيث عمدوا إلى هذا المسجد ـ ومساجد وآثار كثيرة ـ فهدموها بمعاول الحقد.
الثاني : انّ تاريخ اليهود لا يتفق مع مضامين تلك الروايات أساساً ، لأنّ سيرتهم قد قامت على قتل الأنبياء وتشريدهم وإيذائهم إلى غير ذلك من أنواع البلايا التي كانوا يصبّونها على أنبيائهم.
ويكفي في ذلك قوله سبحانه : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ). (٢)
وقوله سبحانه : (قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). (٣)
وقال سبحانه : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ...). (٤)
أفتزعم انّ أُمّة قتلت أنبياءها في مواطن مختلفة تتحول إلى أُمّة تشيد المساجد على قبور أنبيائها تكريماً وتبجيلاً لهم.
__________________
(١) وفاء الوفا : ٣ / ٩٢٣ و ٩٣٦.
(٢) آل عمران : ١٨١.
(٣) آل عمران : ١٨٣.
(٤) النساء : ١٥٥.