ويشهد لذلك أيضاً أنّ النهي مقرون بلعن «زائرات القبور». (١)
ومن الثابت أنّ زيارة القبر للمرأة مكروه ـ بسبب بعض الأُمور ـ لا حرام. كيف؟! وقد كانت فاطمة سيدة نساء العالمين تزور قبر عمّها حمزة في كلّ أُسبوع.(٢)
وقد زارت السيدة عائشة قبر أخيها عند ما وردت مكة المكرمة (٣) إلى غير ذلك من الدلائل القاطعة على أنّه تجوز للمرأة زيارة القبور.
فإذا كان النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يلعن زائرات القبور ، فلا يدلّ اللعن على الحرمة ، لأنّ كثيراً من المكروهات ورد اللعن على مرتكبها ـ في الأحاديث ـ والهدف من اللعن هو شدّة الكراهية والبعد عن رحمة الله تعالى ، فمثلاً جاء في الحديث :
«لعن الله ثلاثة : آكل زاده وحده ، والنائم في بيت وحده ، وراكب الفلاة وحده».(٤)
مع العلم أنّ هذه الثلاثة ليست محرّمة.
وفي ختام هذا الفصل نؤكّد على أنّ بناء المساجد على قبور الصالحين كانت سُنّة مشهورة في صدر الإسلام.
يقول السمهودي في حديث ذكر فيه وفاة السيّدة فاطمة بنت أسد أُمّ الإمام أمير المؤمنين علي ـ عليهالسلام ـ :
«فلمّا توفيت خرج رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فأمر بقبرها فحُفر في موضع المسجد الّذي يُقال له اليوم : قبر فاطمة». (٥)
__________________
(١) السُّنن للنسائي : ٣ / ٧٧ ، طبعة مصر.
(٢) سيوافيك مصدره.
(٣) سيوافيك مصدره.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٣٦٤ ؛ كنز العمال : ١٦ / ٤٠٢ ؛ مسند أحمد : ٢ / ٢٨٧.
(٥) وفاء الوفا : ٣ / ٨٩٧ ، تحقيق محمّد محيي الدين.