وقياسُ قوله ومذهبُ أبى العباس وما لا يجوز غيره فان قال قائل فاجِزْ في ابْنٍ أن يكون وزنه فِعْلاً وفُعْلاً لجمعك له على أَفْعالٍ كما أَجَزْتَ في اسم أن يكون فُعْلاً وفِعْلاً لجمعك له على أفعال لان أفعالا بناءٌ تَجْمَعُ به الصِّنْفين فالجواب أنا لم نقل في اسم انه يحتمل أن يكون فِعْلاً وفُعْلاً لقولهم أسماء ولكن لما سمعناهم يقولون سِمُهُ وسُمُه حملنا الكلمة على الوزنين جميعا ولو حَمَّلْنا الفاء حركةً ثالثةً لكان خطأ أو مخالفة للفظ العرب فيه كما أن مِن حَمَّل الفاءَ من ابْنٍ حركةً غير الفتحة كان مخالفا للفظ العرب بذلك ولا يجوز اذا سمع الفاء من حَبْلٍ وغَيْلٍ وما أشبهه مفتوحا أن يجوز فيه غير الفتح المسموع فانما أجزنا في اسم أن يكون فِعْلاً وفُعُلاً لما ذكرت لك فأما قوله وبِنْتٌ يدل على أنه يستقيم أن يكون ابن فِعْلاً فلا دلالة في قولهم بِنْتٌ على أن ابْنًا وزنه فِعْلٌ لان بِنْتًا من ابْنٍ ليس كصَعْبةٍ من صَعْبٍ فيحكم بأن الفاء من ابن مكسورة كما أنها فى بنت مكسورة لان هذا البناء صِيغَ للتأنيث على غير بناء التذكير فهو كحمراء من أحمر وليس كصَعْبةٍ من صَعْب وغُيِّر البناءُ عما كان يجب أن يكون عليه في أصل التذكير وأبدل من الواو تاء فأُلْحِقَ الاسمُ به بِشِكْسٍ ونِكْسٍ وما أشبه ذلك فلا دلالة في بنت إذًا على أن ابنا أصلُ وزنه فِعْلٌ وهو أنا وجدناهم يقولون أخْتٌ فلو كان ابْنٌ فِعْلاً لقولهم بِنْتٌ لكان أَخٌ فُعْلاً لقولهم أُخْتٌ فكما لا يجوز أن يكون أَخُ فُعْلاً وان جاء أُخْتٌ كذلك لا يجوز أن يكون ابْنٌ فِعْلاً وان قيل بِنْتٌ وكما لا يجوز لقائل أن يقول انَّ أخًا فُعْلٌ لفتحة الفاء منها كذلك لا يجوز أن يقال في ابن انه فِعْلٌ لفتحة الفاء منها في قولهم بَنُونَ وكما دل قولهم آخاءٌ فيما أنْشَدَناهُ أبو بكر عن أبى العباس عن أبى عمر
وَجَدْتُمْ بَنِيكم دوننا اذ نُسِبْتُمُ |
|
وأَىُّ بَنِى الآخاءِ تَنْبُو مَناسِبُه |
على أنَّ أَخًا فَعَلٌ كذلك يدل أبْنَاء على أن ابنا أصل وزنه فَعَل لما ذكرنا من أن باب أفعال فَعَل كما أن أَيْدٍ حُكِمَ من أجْله أن يَدًا فَعْلٌ للحمل على الاكثر كذلك يُحْكم لا بناء أن واحدَه فَعَلٌ لان أَفْعُلاً بابه فَعْلٌ كما أن أفعالا بابه فَعَلٌ فأما قولهم بناتٌ في جمع بِنْتٍ فهو مما يدل على ما قلنا من أن أصل الفاء من ابْنٍ الفَتْح ورُدَّ في الجمع الى أصل بناء المذكر كما رد أخت الى أصل بناء المذكر فقيل بَناتٌ كما قيل أخَوات لان أصل بناء المذكر من كل واحدٍ منهما فَعَلٌ لما قَدَّمنا وهذا الضرب من الجمع أعنى الجمع بالالف والتاء قد يُرَدُّ فيه الشىءُ الى أصله كثيرا كرَدِّهم اللاماتِ الساقِطة في الواحد له كقولهم في عِضَةٍ عِضَوات وأُخْتٍ أَخَوات وكما ردُّوا