هذا بابُ الحرفِ الذى يُضارَع به حَرْفٌ
من موضعهِ والحرفِ الذى يُضارَعُ به ذلك الحرفُ
وليس من موضعه
فاما الذى يُضارَع به الحرفُ الذى من مخرجه فالصادُ الساكنة اذا كانت بعدها الدال وذلك نحو أصْدَرَ ومَصْدَر والتَّصْدِير لانهما قد صارتا في كلمة واحدة كما صارت مع التاء في افتعل فى كلمة واحدة فلم تدغم الصاد في التاء ولم تدغم الدال فيها ولم تبدل لانها ليست بمنزلة اصطبر وهى من نفس الحرف فلما كانتا من نفس الحرف أجريتا مجرى المضاعف الذى هو من نفس الحرف من باب مَدَدْتُ فجعلوا الاوّل تابعا للآخر فضارعوا به أشبهَ الحروف بالدال من موضعه وهى الزاى لانها مجهورة غير مُطْبَقَةٍ ولم يبدلوها زايا خالصة كراهة الاجحاف بها للاطباق كما كرهوا ذلك فيما ذكرت لك من قبل هذا* قال سيبويه* وسمعنا العرب الفصحاء يجعلونها زايا خالصة كما جعلوا الاطباق ذاهبا في الادغام وذلك قولك في التصدير التزدير وفي القَصْد القَزْد وفي أَصْدَرْتُ أَزْدَرْتُ وانما دعاهم الى أن يُقَرِّبوها ويبدلوها ارادة أن يكون عملهم من وجه واحد وليستعملوا ألسنتهم في ضرب واحد اذ لم يصلوا الى الادغام ولم يَجْسُروا على ابدال الدال صاد الانها ليست بزائدة كالتاء في افتعلَ والبيانُ عربىٌّ فان تحركت الصاد لم تبدل لانه قد وقع بينهما شئ فامْتُنِع من الابدال اذ كان يُتْركُ الابدالُ وهى ساكنة ولكنهم قد يُضارِعُون بها نحوَ صادِ صَدقْتَ والبيانُ فيها أحسن وربما ضارعُوا بها وهى بعيدة نحو مَصَادر والصراط لان الطاء كالدال والمضارعة هنا وان بَعُدَتِ الدالُ بمنزلة قولهم صَوِيقٌ ومَصالِيقُ فأبدلوا السين صادا كما أبدلوها حيث لم يكن بينهما شئ في صُقْتُ ونحوه ولم تكن المضارعةُ هنا الوجهَ لانك تُخِلُّ بالصاد لانها مُطْبَقَة وأنت في صُقْتُ تَضَع فى موضع السين حرفا أَفْشَى في الفم منها للاطباق فلما كان البيانُ هنا أحسنَ لم يجز البدل فان كانت السين في موضع الصاد وكانت ساكنة لم يجز الا الابدال اذا أردت التقريب وذلك قولك في التسْدِير التزدير وفي يَسْدُلُ ثوبَهُ يَزْدُلُ ثوبه لانها من موضع الزاى وليست بمطبقة