وبعد ذلك في هذا الدور انحصرت المذاهب المتبعة عند السنة في أربعة : الحنفية. والمالكية. والحنبلية. والشافعية. وكان بذرة انحصارها هو القادر العباسي الذي تولى الخلافة الإسلامية سنة ٣٨١ ه فانه كان ذا سياسة وكياسة وظهر بمظهر الصلاح والتقوى حتى عده ابن الصلاح من الفقهاء الشافعية وأخذ الفقهاء يعقدون الاجتماعات برئاسته بصفة كونه زعيماً دينياً فيصدرون الفتاوى بتحريم حرية الرأي وتكفير بعض الطوائف كالفاطميين ومهاجمة المعتزلة وتكفير من يعتنقها. وأمر أربعة من الفقهاء أن يصنف كل واحد منهم مختصراً على مذهبه من المذاهب الأربعة. فصنف الماوردي الاقناع على مذهب الشافعي. وصنف أبو الحسين القدوري مختصراً على مذهب أبي حنيفة. وصنف أبو محمد عبد الوهاب مختصراً على مذهب المالكي. وصنف آخر مختصراً على مذهب الحنبلي وأمر الخليفة القادر العمل بها لأجل تقليل الآراء في الأحكام الشرعية (١).
__________________
(١) يحكى من غير واحد أن الخليفة القادر العباسي طلب من السيد المرتضى رحمهالله مالا ليأمر بالعمل بمذهب التشيع كما أمر بالعمل بالمذاهب المذكورة ولكن السيد المرتضى عجز عن دفع المال.