وإلى ما يعرى عن القصدين.
واستدلالكم بكون وسيلة القربة قربة فيه نظر ؛ لأنّ توقّف الشيء على الأعمّ لا يستلزم توقّفه على الأخصّ ، وزيارة من كان على مسافة بعيدة ، إنّما تتوقّف على سفر من الأسفار الثلاثة المذكورة المقصودة ، لا على القسم الثاني ليتمّ ما ذكرتم.
قلت : هذا خلف من الكلام ؛
لأنّك إن لم تقل : بأنّ وسيلة القربة قربة ، فلا حاجة بك إلى هذا الاستدلال والتقسيم ، وقل : إنّ وسيلة القربة ليست بقربة.
وحينئذٍ يرد عليك ما لا قبل لك به ممّا قدّمناه من الاستدلال على كون وسيلة القربة قربة ، وذلك أمر معلوم من الشرع.
ثمّ يلزمك أن السفر للزيارة وقربة اخرى لا يكون قربة على زعمك ؛ لأنّه إنّما يكون قربة لكونه وسيلة إلى قربة.
وإن كنت تقول : بأنّ وسيلة القربة قربة ، فما وجه النظر بعد تقرير كون الزيارة قربة؟!
واحتجاجك بأنّ توقّف الشيء على الأعمّ لا يستلزم توقّفه على الأخصّ ، عجيب جدّاً.
لأنّك إن فسّرت الوسيلة بما يفعل لقصد التقرّب إلى المقصود كما فسّرناه ، كان كلّ واحد من السفر الذي قصد به الزيارة مع قربة اخرى ، والسفر الذي قصد به الزيارة فقط قربةً ؛ لأنّه قصد به التوسّل إلى قربة ، فوجب أن يكون قربة ؛ سواء كانت الزيارة متوقّفة على عينه أم لا؟ فالفرق بين القسمين باطل قطعاً.
وإن فسّرت الوسيلة بما يتوقّف عليه المقصود ، كما يشعر به ظاهر كلامك :
فإن أخذته بشرط قصد القربة معه ، وجعلت علّة القربة ذلك القصد ، عاد الكلام ، وكان كلّ من القسمين قربة ؛ لأنّ الموجب لجعله قربة قصد القربة ، وهو