وأنت وحدك في ناحية وأخشى أن يترتب على ذلك شرّ كثير فما كان جوابه إلّا أنشد قوله :
وليت الذي بيني وبينك عامر |
|
وبيني وبين العالمين خراب |
قلت : رأيتُ بخطه عدّة مقاطيع ينظمها في ذلك كأنه يتوسل بها إلى الله فإذا انقضت حاجته طمس اسم الذي كان دعا عليه.
وقد استوعب ولده عدّة تصانيفه في ترجمته التي أفردها وأفرد مسائلها التي انفرد بتصحيحها أو باختيارها في كتابه التوشيح (١).
قرأت بخط الشيخ تقي الدين السبكي : كتب إليّ أبو الفتح ـ يعني قرابته ـ ورقة بسبب شخص أن أكتب إلى شخص في حاجة له ، وذلك قبل ولاية الشام بسنة فأجبته : «وقفتُ على ما أشرت إليه ، والذي تقوله صحيح ، وهو الذي يتعيّن على العاقل ، ولكني ما أجد طباعي تنقاد إلى هذا بل تأبى منه أشدّ الإباء ، والله خلق الخلق على طبائع مختلفة وتكلّف ما ليس في الطبع صعب» إلى أن قال : «وأنا من عمري كلّه لم أجد ما يخرجني عن هذه الطريقة ، فإني نشأت غير مكلّف بشيء من جهة والدي وكنتُ في الريف قريباً من عشرين سنة وكان الوالد يتكلف لي ولا أتكلف له ولا أعرف من الناس فيه غير الاشتغال ثمّ ولي والدي نيابة الحكم بغير سؤال فصرت أتكلم الكلام بسببه وأما في حق نفسي فلا أكاد أقدم على سؤال أحد إلّا نادراً بطريق التعريض اللطيف فإن حصل المقصود وإلّا رجعت على الفور وفي نفسي ما لا يعلمه إلّا الله ، وأما في حق غيري من الأجانب فكانوا يلحّون إلي فأتكلف فأقضي من حوائجهم ما يقدره الله ، ولم أزل يكن معي عشرة أوراق أو أكثر ولا أتحدث فيها مع المطلوبة منه إلّا معرفاً وشغلت بذلك عن مصلحتي
__________________
(١) ترشيح التوشيح اظن هذا الصواب وقد جعله صاحب كشف الظنون كتابين.