فلأبي محمّد أن يمنع كون اللفظ المذكور حقيقة في التحريم أو ظاهراً فيه ؛ فإنّ الخبر ليس مستعملاً في لفظ النهي ، بل في معناه ، ومعناه منقسم إلى الحقيقيّ والمجازيّ.
فإن قيل : النهي النفسانيّ شيء واحد ؛ وهو طلب الترك الجازم المانع من النقيض ، وما سواه ليس بنهي حقيقة ، فإذا ثبت أنّ المراد بالخبر النهي ثبت التحريم.
قلنا : حينئذٍ ، يمنع أنّ المراد بالخبر النهي.
وقوله : «إنّ ما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فكلّها ضعيفة باتفاق أهلم العلم بالحديث ، بل هي موضوعة ؛ لم يروِ أحد من أهل السنن المعتمدة شيئاً منها».
قد بيّنا بطلان هذه الدعوى في أوّل هذا الكتاب (١).
وما روي [عن] مالك من كراهة قوله : «زرت قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» بيّنا مراده في الباب الرابع (٢).
قوله : «ولو كان هذا اللفظ مشروعاً ... إلى آخره».
كلام في غير محلّ النزاع ؛ لأنّ النزاع ليس في اللفظ ، ولم يسأل عنه ، وإنّما هو في المعنى.
وما ذكره عن أحمد وأبي داود ومالك في «الموطّأ» فكلّه حجة عليه ، لا له ؛ لأنّ المقصود معنى الزيارة ، وهو حاصل من تلك الآثار.
وأما حديث «لا تتّخذوا قبري عيداً» فقد تقدّم الكلام عليه (٣).
__________________
(١) تقدّم في جميع الباب الأوّل ، وكذا الباب الثاني من هذا الكتاب. (ص ٦٠).
(٢) مرّ في الباب الرابع. (ص ١٦٩ ـ ١٧٠).
(٣) تقدّم لاحظ ص ١٧٧ و ٢٤٧.