قال المطّلب : وذلك الرجل أبو أيّوب الأنصاريّ رضى الله عنه (١).
قلت : وأبو نباتة يونس بن يحيى ومن فوقه ثقات.
وعمر بن خالد : لم أعرفه ، فإن صحّ هذا الإسناد لم يكره مسّ جدار القبر.
وإنّما أردنا بذكره القدح في القطع بكراهة ذلك.
قوله : «وكان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلّموا عليه وأرادوا الدعاء ، دعوا مستقبلي القبلة ، ولم يستقبلوا القبر».
هذا فيه اعتراف بدعاء السلف عند السلام ، وتركهم الدخول إلى الحجرة مبالغة في الأدب ، وتركهم استقبال القبر عند الدعاء ـ إن صحّ ـ لا يدلّ على إنكار الزيارة ، ولا على إنكار السفر لها.
قوله : «وأمّا وقت السلام عليه فقال أبو حنيفة رحمهالله : يستقبل القبلة أيضاً».
هو كذلك ، ذكره أبو الليث السمرقنديّ في الفتاوى ، عطفاً على حكاية حكاها الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمهالله.
وقال السروجيّ الحنفيّ : يقف عندنا مستقبل القبلة.
قال الكرمانيّ : وعن أصحاب الشافعيّ وغيره : يقف وظهره إلى القبلة ، ووجهه إلى الحظيرة ، وهو قول ابن حنبل.
واستدلّت الحنفية : بأنّ ذلك جمع بين عبادتين.
وقول أكثر العلماء : استقبال القبر عند السلام ، وهو الأحسن والآدب ؛ فإنّ الميّت يعامل معاملة الحيّ ، والحيّ يسلّم عليه مستقبلاً ، فكذلك الميّت ، وهذا لا
__________________
(١) حديث أبي أيّوب الأنصاري ، والتزامه القبر واحتضانه. رواه المحدّثون الأئمّة الكبار في مصنّفاتهم ، مثل : مسند أحمد (٥ / ٤٢٢) مسند أبي أيوب. ومستدرك الحاكم (٤ / ٥١٥) وكنز العمال (٦ / ٨٨) عن أحمد والحاكم ومجمع الزوائد (٥ / ٢٤٥) عن أحمد والطبراني في الكبير والأوسط.