ينبغي أن يتردّد فيه.
وقوله : «إنّ أكثر العلماء قالوا : يستقبله عند السلام خاصّة».
التقييد بقوله : «خاصّة» يُطلب بنقله؟
بل مقتضى كلام أكثر العلماء من الشافعيّة والمالكيّة والحنابلة : الاستقبال عند السلام والدعاء.
وذكر النقل في استقبال القبلة عن أبي حنيفة رحمهالله ليس في المشهور من كتب الحنفيّة ، بل غالب كتبهم ساكتة عن ذلك.
وقد قدّمنا (١) عن أبي حنيفة رحمهالله أنه قال : جاء أيوب السختيانيّ فدنا من قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فاستدبر القبلة ، وأقبل بوجهه إلى القبر.
وقال إبراهيم الحربيّ في مناسكه : تولّي ظهرك القبلة ، وتستقبل وسطه ؛ يعني القبر ، ذكره الآجريّ عنه في كتاب الشريعة (٢) ، وذكر السلام والدعاء.
قوله : «ولم يقل أحد من الأئمّة : أنّه يستقبل القبر عند الدعاء ، إلّا في حكاية مكذوبة تروى عن مالك ، ومذهبه بخلافها».
أمّا إنكاره ذلك عن أحد من الأئمّة : فقد قدّمنا (٣) عن أبي عبد الله السامريّ الحنبليّ صاحب كتاب «المستوعب في مذهب أحمد» أنّه قال : يجعل القبر تلقاء وجهه ، والقبلة خلف ظهره ، والمنبر عن يساره ، وذكر كيفيّة السلام والدعاء إلى آخره.
وظاهر ذلك أنّه يستقبل القبلة في السلام والدعاء جميعاً.
وهكذا أصحابنا وغيرهم ، إطلاق كلامهم يقتضي أنّه لا فرق في استقبال القبر
__________________
(١) قدّمناه (ص ١٧٠).
(٢) ص ١٤٩.
(٣) ص ١٥٧.