وإذا عيسى بن مريم قائم يصلّي ؛ أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفيّ ، وإذا إبراهيم قائم يصلّي أشبه الناس به صاحبكم» يعني نفسه «فحانت الصلاة فأممتهم ، فلمّا فرغت من الصلاة قال قائل : يا محمّد ، هذا مالك صاحب النار فسلّم عليه ، فالتفت إليه فبدأني بالسلام».
وفي حديث آخر : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّ بوادي الأزرق فقال : «كأنّي أنظر إلى موسى هابطاً من الثنيّة ، وله جؤار إلى الله بالتلبية».
ثمّ أتى على ثنيّة هَرْشَى فقال : «كأنّي أنظر إلى يونس بن متّى على ناقة حمراء جعدة ، عليه جبّة من صوف ، خطام ناقته خليّة ، وهو يلبّي».
وفي حديث آخر : «كأنّي أنظر إلى موسى واضعاً إصبعيه في اذنيه».
وهذه الأحاديث كلّها في الصحيح.
وقد تقدّم في موسى وعيسى وجميع الأنبياء المذكورين شيء كثير من صفات الأجسام ، وكذلك صلاتهم قياماً ، وإمامة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم.
ولا يقال : إنّ ذلك رؤيا منام ، وإنّ قوله : «أراني» فيه إشارة إلى النوم ؛ لأنّ الإسراء وما اتفق فيه كان يقظة على الصحيح الذي عليه جمهور السلف والخلف.
ولو قيل : بأنّه نوم ، فرؤيا الأنبياء حقّ.
وقوله : «أراني» لا دلالة فيه على المنام ؛ بدليل قوله : «رأيتني في الحِجْر» وكان ذلك في اليقظة ، كما يدلّ عليه بقيّة الكلام.
وقال تعالى : (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) وفي «صحيح مسلم» (١) : كان قتادة يفسّرها أنّ نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد لقي موسى.
وقد قيل في قوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سألهم ليلة الإسراء.
__________________
(١) صحيح مسلم (١ / ١٠٥).