قال القاضي عياض رحمهالله :
فإن قيل : يحجّون ويلبّون وهم أموات ، وهم في الدار الآخرة ، وليست دار عمل.
فاعلم أنّ للمشايخ وفيما ظهر لنا عن هذا ، أجوبةً :
أحدها : أنّهم كالشهداء ، بل أفضل منهم ، والشهداء أحياء عند ربّهم ، فلا يبعد أن يحجّوا ويصلّوا ، كما ورد في الحديث الآخر ، وأن يتقرّبوا إلى الله تعالى بما استطاعوا ؛ لأنّهم ـ وإن كانوا قد توفّوا ـ فهم في هذه الدنيا التي هي دار العمل ، حتى إذا فنيت مدّتها وتعقّبتها الآخرة التي هي دار الجزاء ، انقطع العمل.
والوجه الثاني : أنّ عمل الآخرة ذكر ودعاء ، قال الله تعالى : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ).
الثالث : أن يكون رؤيا منام ، فهو في غير ليلة الإسراء.
الرابع : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أُري حالهم التي كانت في حياتهم ، ومثلوا له في حال حياتهم كيف كانوا ، وكيف كان حجّهم وتلبيتهم.
الخامس : أن يكون أخبر عمّا اوحي إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم من أمرهم ، وما كان منهم ؛ وإن لم يرهم رؤية عين.
هذا كلام القاضي.
والوجه الأوّل والثاني يلزم منهما الحياة ، والثالث لا يأتي في ليلة الإسراء ، والرابع والخامس إنّما يأتيان في الحجّ والتلبية ونحوهما ، وأمّا فيما حصل ليلة الإسراء فلا.
والجواب الصحيح في الصلاة ونحوها أحد جوابين :
إمّا أن نقول : البرزخ ينسحب عليه حكم الدنيا في استكثارهم من الأعمال ؛ وزيادة الاجور ، وهو الجواب الأوّل الذي ذكره القاضي.