وإن كانت غير صالحة : قالت : يا ويلها ، أين تذهبون بها؟! يسمع صوتها كلّ شيء إلّا الإنسان ، ولو سمعه صعق».
وبالإسناد إلى البخاريّ قال : حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث بن سعد ... فذكر بمثله ، وقال : «قالت لأهلها : يا ويلها» وقال : «ولو سمع الإنسان لصعق» (١).
فانظر هذه الأحاديث الصحيحة التي لا مرية فيها ، وتأكيد الكلام بما لا يحتمل المجاز ؛ وهو قول : «يسمع صوتها كلّ شيء إلّا الإنسان» ولو لا هذا لأمكن أن يحمل على القول بلسان الحال ، لكن بعد هذا لا يسوغ هذا الحمل.
وأيضاً فإنّ لسان الحال معلوم عند الإنسان ، فلا شكّ في حصول كلام حقيقيّ ، هذا ونحن نشاهد على أعناق الرجال ميّتاً.
ومن الأحاديث الصحيحة المتّفق عليها ، نداؤه صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل البئر ، وقوله : «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» (٢).
وأمّا الإدراك : فيدلّ له مع ذلك الأحاديث الواردة في عذاب القبر ، وهي أحاديث صحيحة متّفق عليها ، رواها البخاريّ ومسلم وغيرهما ، وأجمع عليها وعلى مدلولها أهل السنّة ، والأحاديث في ذلك متواترة.
ومن أحسنها ما رواه أبو داود الطيالسيّ ، أنا أبو العباس أحمد بن محمّد الدشتيّ بقراءتي عليه بالشام في سنة سبع وسبعمائة قال : أنا الحافظ ابن خليل ، أنا اللبان ، أنا الحدّاد ، أنا أبو نعيم ، أنا ابن فارس ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود
__________________
(١) صحيح البخاري (٢ / ٨٨).
(٢) حديث القليب ، صحيح البخاري (٢ / ١٠١) ولاحظ كتاب الجنائز باب (٨٧١) ما جاء في عذاب القبر ح ١٢٧٨ ، ولاحظ (٥ / ٩) وصحيح مسلم (٣ / ٤٤) ومستدرك الحاكم (٣ / ٢٢٤) ومسند أحمد (٢ / ١٣١) و (٦ / ٢٧٦).