فقال : «فمتى مات هؤلاء؟».
قالوا : ماتوا في الإشراك.
فقال : «إنّ هذه الامة تبتلى في قبورها ، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع» (١).
وهذا يدلّ على استمرار عذاب القبر.
وعن أنس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سمع صوتاً من قبر ، فقالوا : دفن في الجاهليّة.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو لا أن تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم عذاب القبر» (٢).
وأمّا قوله تعالى : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) فهو يشعر بالحياة ؛ لأنّ الرقاد للحيّ ، وقد قيل في تفسيره أقوال :
منها : أنّ العذاب يرفع عن أهل القبور بين النفخات ، نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، ونفخة النشر ، فلا يعذّب في هذه الأوقات إلّا من قتل نبيّاً ، أو قتله نبيّ ، أو قتل في معترك نبيّ.
ومنها : أنّ العذاب ليس بدائم ، بل بكرة وعشيّاً ، ويفتر فيما بين ذلك ، فتقوم الساعة في ارتفاع النهار ، فيصادف قيامها وقت الفترة.
وقد تلخّص من هذا : أنّ الروح تعاد إلى الجسد ، ويحيا وقت المساءلة ، وأنّه ينعّم أو يعذّب من ذلك الوقت إلى يوم البعث ؛ إمّا متقطعاً ، أو مستمرّاً على ما سبق.
وهل ذلك من بعد وقت المساءلة إلى البعث للروح فقط ، أو لها مع الجسم؟
__________________
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٨ / ١٦٠). ومسند أحمد (٥ / ١٩٠).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٨ / ١٦٠) كتاب الجنة وصفة نعيمها ، باب عرض مقعد الميت من الجنّة ... وانظر سنن النسائي (٤ / ١٠٢) ومسند أحمد ٣ / ١١١ و ١١٤.