ممكن فهو إمّا متحيّز ، وإمّا حالّ في المتحيّز ، والفلاسفة يثبتونه ، وهو أشرف الممكنات عندهم ؛ لأنّه لا يحتاج إلّا إلى موجِده فقط.
ولكلّ من المتكلّمين والفلاسفة على نفيه وإثباته أدلّة ليست بالقويّة ، والآية الكريمة ليس فيها دليل لهم ، كما عرف في التفسير.
وظواهر الشريعة تقتضي أنّ الروح متحيّزة ، فقد روى ابن ماجة بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «يحضر الملائكة ، فإذا كان الرجل صالحاً قالوا : اخرجي أيّتها النفس المطمئنّة ، كنت في الجسد الطيّب ، اخرجي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ، وربّ راضٍ غير غضبان ، فلا يزال يقال لها ذلك حتّى تخرج ثمّ يعرج بها إلى السماء ، فتفتح لها ، فيقال : من هذا؟
فيقولون : فلان بن فلان.
فيقال : مرحباً بالنفس المطمئنّة ، كانت في الجسد الطيّب ، ادخلي حميدة ، وأبْشِري بروح وريحان ، وربّ راض غير غضبان.
فلا يزال يقال لها هذا حتّى تنتهي» يعني إلى علّيين (١).
ووردت أحاديث كثيرة بمعنى هذا ، والقرآن يشهد له ، قال تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) الآية.
وقال تعالى : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) جاء أنّها الأنفس الخبيثة.
وقد يقال : إنّ الإشارة بذلك إلى الروح الحيوانيّ ، ولعلّ الروح الحيوانيّ الموجود في الإنسان يبقى بعد الموت ، وينتقل إلى علّيين أو سجّين ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) أخرجه سنن النسائي (٤ / ٨). ومنسد أحمد (٢ / ٣٦٤) و (٦ / ١٤٠). وسنن ابن ماجة (٢ / ١٤٢٤) ح ٤٢٦٢. وانظر مجمع الزوائد (٢ / ٣٢٨).