لمعنيين ، هذا كلامه في «الإحياء» (١).
واتفق الأطباء على أنّ في بدن الإنسان ثلاثة أرواح :
روح طبيعيّ ؛ وهو جسم لطيف معدنه الكبد ، ثمّ ينبثّ في سائر البدن ، ويحمل القوى الطبيعيّة.
وروح حيوانيّ ؛ وهو جسم لطيف معدنه القلب ، ويثبت في سائر البدن ، ويحمل قوّة الحياة.
وروح نفسانيّ ؛ وهو جسم لطيف معدنه الدماغ ، وينبث في سائر البدن ، وفعله الحسّ والحركة.
وهذه الأرواح تشترك فيها الحيوانات ، ولم يتكلّموا في النفس الناطقة الخاصّة بالإنسان التي هي غرضنا هنا.
إذا عرف ذلك ، فالفلاسفة القائلون في النفس الناطقة : إنّها جوهر مجرّد ، فإنّهم يقولون : إنّه حيّ عالم متكلّم سميع بصير قادر مريد ، ولكنّه ممكن بإيجاد الله تعالى ، حادث بعد العدم مخلوق.
وقد يطلقون «المخلوق» على ما له كمّية يدخل بسببها تحت المساحة والتقدير ، ويقولون : عالم الخلق ما كان كذلك ، وعالم الأمر : الموجودات الخارجة عن الحسّ والخيال والجهة والمكان والتحيّز ، وهو ما لا يدخل تحت المساحة والتقدير ؛ لانتفاء الكمّية عنه.
والمنتصرون لهذا يجعلون قوله تعالى : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) جواباً بأنّها من عالم الأمر.
والمتكلّمون من المسلمين لا يثبتون هذا الوصف إلّا لله تعالى ، ويقولون : كلّ
__________________
(١) إحياء علوم الدين للغزالي (٣ / ٩) كتاب شرح عجائب القلب ، باب بيان معنى الروح والنفس والقلب والعقل.