حتّى أنّه يُسْند إلى المؤلّفين بطرق السماع أو القراءة المباشرة على مشايخه ، وإلى النسخ ، ويذكر بلاغات القراءة والتحديث ، كل ذلك للتأكد من الضبط والتوثيق.
وهذه الطريقة التي كانت معتمدةً لدى القدماء ، وقلّ مَنْ استخدمها في زمان الإمام السبكي.
والهدف من ذلك التأكّد من صحّة النسخ وضبطها ، لتكون النصوص قابلة للاعتماد في الاستدلال ، بشكلٍ لا يتطرّق إليه الريب ، بخلاف المعتمدين على النسخ الرائجة المبتذلة التي يتلاقفها الورّاقون ، فإن اعتمادها من شأن الصُّحفيين غير الموثوقين.
وبالرغم من جلالة عمل الإمام السبكيّ هذا ، فإنّه لم يَرُقْ ابن عبد الهادي الحنبلي في الصارم (ص ١٦ و ٤٠) فراح يهرّج عليه بقوله : أطال بذكر الأسانيد وتكرارها منه إلى مؤلّفي الكتب كالطبراني والدارقطني وغيرهما ، وحشد فيه بتعداد الطرق إليهم والرواية بالإجازات المركّب بعضها على بعض ... وذكر طباق السماع وأسماء السامعين ، ونحو ذلك مما يكبّر حجم الكتاب ، وليس إلى ذكره كبير حاجة.
نقول : وهكذا تنقلب الأسانيد ، عند الحنبلي إلى «حشد ليس إليه كبير حاجة»؟ مع أنّها أعمدة الحديث ، والدين؟
ولكنّه الهوى يحسّن للسلفية القبيح! ويقبّح الحسن المليح؟!
وهذا الجهد العلمي ، لا يهمّ الصحفيين الذين يهتمون بما يوافق أهواءهم ، أما تصحيح النسخ وضبطها وهي من أهم الامور عند العلماء ، لرفع ما يقع فيها من التصحيف والتحريف والسهو والغلط ، فلا يهتمّ به إلّا الجهابذة الأتقياء المتقنون.
ثمّ إنّ المؤلّف ـ وعلى أساس مما وصلته بالطرق العلمية من النسخ المتقنة ـ يتطرق إلى دلالات الأحاديث ، بشكل علميّ منطقي رائع.
وقد أبدى إعجاب العلماء في دقّته في النقل من المصادر والكتب ، وهو ما