الزمان الخاصّ فاستصحاب الزمان يثبته أيضا ، لأنه لازم عقلي لكلا الأمرين ، فلا يبقى حينئذ مجال للاستصحاب.
والحاصل : مثبتات الاستصحاب ان كانت حجة ترتب الأثر على استصحاب الزمان وهو الأصل السببي ، فلا يجري الاستصحاب في الحكم ، وإلّا فلا أثر لاستصحاب المسبب أيضا.
ولعل صاحب الكفاية (١) لهذه الجهة ذهب في دفع الشبهة إلى وجه آخر ، وهو العدول إلى إجراء الاستصحاب في الاتصاف ، لا في الحكم ولا في الزمان ، فذكر ان الفعل كالإمساك كان متصفا بكونه في النهار مثلا فيستصحب اتصافه به.
وفيه : أنه إنما يتم فيما مثل به ، أي فيما إذا كان الفعل أمرا واحدا مستمرا ، قد شرع المكلف به حينما كان متيقنا بالوقت ، وشك في بقائه في الأثناء ، فيصح حينئذ ان يقال أنه كان نهاريا فيستصحب. وأما إذا أراد الشروع في الفعل بعد الشك في الزمان ، كما إذا كان المكلف عاصيا فتاب ، وأراد الإمساك وهو شاك في بقاء النهار ، فان إمساكه في هذا الفرض لم يكن نهاريا ليستصحب اتصافه به إلّا بنحو الاستصحاب التعليقي ، الّذي لا نقول به ، وعلى تقدير القول به يختص جريانه بالأحكام دون الموضوعات.
فهذا الوجه يختص بما ذكره من المثال ونظائره ، فلا بد من التماس وجه آخر لدفع الشبهة.
فالصحيح أن يقال : تارة : لا يستفاد من الدليل إلّا تقيد الوجوب بالزمان دون الواجب ، كما ورد في الحديث (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين ، الظهر والعصر ، إلّا أن هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما حتى تغيب الشمس) (٢)
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣١٦ ـ ٣١٧.
(٢) تهذيب الأحكام : ٢ ـ ٢٦ ، باب ٤ من أوقات الصلاة ، ح ٢٤.