بقول مطلق ، الّذي كان موضوعا للاستصحاب ، فالحكومة ثابتة على كلا المسلكين ، وتمام الكلام في الحكومة موكول إلى محله من بحث التعادل والتراجيح.
والحاصل : الكلام في تعارض الاستصحاب مع الأدلة يقع في جهات :
الأولى : في تعارضه مع الأمارات. وقد عرفت تقدمها عليه للحكومة ، لا للورود ولا بالتخصص ، وذلك لارتفاع موضوع الاستصحاب بقيام الأمارة تعبدا. وهذا من غير فرق بين موافقتهما في المؤدى ، ومخالفتهما. وما في الكفاية من توهم اختصاص الحكومة بصورة المخالفة ناش من تعبير الشيخ في الرسائل ، وهو فاسد ، لأن ملاك الحكومة وهو ارتفاع موضوع الاستصحاب تعبدا ثابت في كلا الفرضين.
الثانية : في تعارض الاستصحاب مع سائر الأصول العملية من البراءة والاحتياط والتخيير. ولا إشكال في تقدمه عليها. أما تقدمه على الأصول العملية العقلية ، فهو بالورود ، فانه بمجرد جريان الاستصحاب ينتفي موضوع البراءة العقلية ، وهو عدم البيان ، وموضوع الاحتياط العقلي كما في أطراف العلم الإجمالي ، وموضوع التخيير العقلي وهو التحير كما في دوران الأمر بين المحذورين ، فإذا جرى الاستصحاب في بعض الأطراف انتفى ذلك كما تقدم تفصيله.
وأما تقدمه على الأصول الشرعية من حديث الرفع ، والاحتياط الشرعي لو قلنا به في مورد ، أو التخيير كذلك ، فهو بالحكومة بعين البيان المتقدم في تقدم الأمارات على الاستصحاب ، فانّ الاستصحاب أيضا أمارة غايته في طول سائر الأمارة ، وحيث لا أمارة ، وليست الأمارات في عرض واحد كما تقدم ، فبعين البيان المزبور يتقدم الاستصحاب على الأصول الشرعية.
الثالثة : في تعارض الاستصحابين ، وتعارضه مع بعض القواعد الأخر.