ثانيهما : وهو أظهر من الأول ، ان النسخ يحتمل فيما إذا احتمل كون العام المتأخر بيانا للحكم من الآيات ، وهو غير محتمل في الأخبار الصادرة عن الأئمة عليهمالسلام لكونها بيانا لحكم الشريعة المقدسة ، ومقتضى إطلاقها ثبوت تلك الأحكام من أول تشريع الإسلام إلّا ان ينصب قرينة على إرادة الحكم من الآن.
نعم إذا كان كلا الدليلين صادرين من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم احتمل كون الثاني ناسخا للحكم السابق. ومن هنا لم نر أحدا من الفقهاء احتمل النسخ في الاخبار الخاصة الواردة عن الأئمة عليهمالسلام بالإضافة إلى العمومات السابقة عليها ، بل يجعلونها مخصصة لها ، فتقدم أحد الحكمين على الآخر انما هو في مقام الإثبات والدليل دون المنكشف والمدلول ، فان مدلول كلا الدليلين انما هو بلحاظ زمان واحد ، ومعه كيف يحتمل كون الثاني ناسخا للأول.
وبعبارة أخرى : كأن الأئمة عليهمالسلام بأجمعهم بمنزلة رجل واحد ، وكلامهم بمنزلة كلام واحد ، لا فرق بين المتقدم منهم والمتأخر ، فإذا لا بد من تقديم الخاصّ المتقدم على العام ، لما عرفت من تقدمه عليه بالحكومة بالمعنى المتقدم ، وعدم كون تقديمه عليه من جهة الأظهرية.
ثم انّا ذكرنا في أول البحث معنى التعارض ، وأنه لا تعارض بين الحاكم والمحكوم ، ولا بين العام والخاصّ ، ولا بين المطلق والمقيد ، ولا بين كل قرينة عرفية صارفة عن ظهور الدليل الآخر. ولو كان غير العموم والإطلاق. وذكرنا ان لتعارض قد يكون بين دليلين ، ومقتضى القاعدة فيه هو التساقط.
وقد يكون بين أكثر من دليلين ، فهل يمكن ان تعالج المعارضة بين دليلين منها ثم لحاظ المعارضة بين نتيجة ذلك وبين الدليل الآخر ، ويعبر عنه بانقلاب النسبة ، فانه قد يوجب تبدل النسبة بينهما من العموم المطلق إلى العموم من وجه ، أو العكس. فإذا فرضنا النسبة بين دليلين العموم من وجه ، وأخرج الدليل الثالث