وفيه : أولا : انّه مجمل ، لاحتمال رجوع الضمير في غيره إلى المشكوك ، لا الوضوء ، وعليه فيكون بيانا لصدق التجاوز عن المشكوك.
وثانيا : ان تلك الرواية ليس لها إطلاق من هذه الجهة ، أي من جهة المفهوم ، لعدم كونها في مقام البيان منها ، بل هي في مقام بيان عدم الاعتناء بالشك إذا كان بعد الفراغ ، وأما إذا كان في الأثناء فلا بد من الاعتناء به مطلقا.
وثالثا : على تقدير التنزل تقع المعارضة بين إطلاقها وعمومات دليل قاعدة الفراغ بالعموم من وجه ، وقد بينا في محله تقدم العام على المطلق عند المعارضة إذا كانت بالعموم من وجه.
الأمر الثاني : انّه على فرض تسليم عدم جريان التجاوز في الغسل والتيمم ، لا ريب في عدم الاعتناء بالشك ، لقاعدة الفراغ ، إذا شك في صحة جزء بعد المضي عنه من جهة احتمال الإخلال بشرط الجزء أو جزء الجزء. وهكذا في الوضوء ، من غير فرق بين الجزء الأخير منها والاجزاء السابقة ، فإذا علم المتوضئ بأصل غسل يديه ، وشك في صحته ، لاحتمال انه غسلهما منكوسا ، لا يعتني بشكه ، وهكذا إذا شك في صحة المسح بعد إحراز أصله بنى على صحته.
الجهة الرابعة : في بيان الفرق بين قاعدتي التجاوز والفراغ ، وما يعتبر فيهما أو في إحداهما.
قد عرفت ان قاعدة الفراغ انما تجري عند الشك في صحة العمل بعد تحققه. وقاعدة التجاوز انما تجري عند الشك في أصل وجوده ، ويعتبر فيها الدخول في الغير نصا وقاعدة ، بخلاف قاعدة الفراغ ، لصدق مضي العمل في موردها بدون الدخول في الغير. وتوهم اعتباره فيها لصحيحة زرارة قد عرفت فساده.
فلا بد من التكلم في ما يعتبر في الغير الّذي يلزم الدخول فيه في صدق عنوان التجاوز.