وبالجملة الظن غير المعتبر جزما وان لم يكن حجة ، ولا يعول عليه ، إلّا انه مع وجوده لا مجال للاستصحاب ، لانتفاء موضوعه به وهو الشك. وأما الظن المشكوك الاعتبار فليس رفع اليد في مورده عن اليقين السابق من نقض اليقين بالشك ، لأنه انما يصدق فيما إذا تعلق الشك بعين ما تعلق به اليقين ، وليس المقام كذلك ، فان ما تعلق اليقين بحدوثه قد تعلق الظن بخلافه لا الشك ، وانّما الشك تعلق بأمر آخر وهو حجية ذاك الظن ، فكيف يكون من موارد نقض اليقين بالشك.
فالصحيح : ان التعميم يكون لما ذكرناه من إطلاق الأدلة والقرينتين المزبورتين.
التنبيه الخامس عشر :
يعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة من حيث الموضوع والمحمول. واتحادها يستلزم اتحاد النسبة أيضا ، بحيث لم يكن بينهما فرق إلّا من ناحية تعلق اليقين والشك. فإذا اختلفتا من ناحية الموضوع أو المحمول ، كما إذا تيقن بعدالة زيد وشك في عدالة والده ، أو تيقن بعلم زيد وشك في عدالته ، لم تكن موردا لنقض اليقين بالشك ، كما لا يكون ترتيب آثار تحقق المشكوك مضيا على اليقين السابق ، وجريا عمليا على طبقه.
ثم ان تعبيرهم ببقاء الموضوع غير خال عن المسامحة ، ولعلهم عبروا ببقاء الموضوع ، مع ان المعتبر اتحاد القضيتين من جميع الجهات كما عرفت ، من جهة أهمية الموضوع في القضية ، أو لأنهم أرادوا به بقاء الموضوع بوصف الموضوعية المستلزم لبقاء المحمول أيضا ، أو انهم أرادوا به تحقيق موضوع الاستصحاب ، أعني صدق عنوان نقض اليقين بالشك المتقوم باتحاد القضيتين.