تعارض الاستصحاب مع الأدلة
قد عرفت فيما سبق من التنبيهات ان اليقين في ما دل على المنع عن نقض اليقين بالشك يعم اليقين التعبدي ، كالأمارات المعتبرة شرعا ، فيجري الاستصحاب فيما إذا قامت على حدوث شيء ثم شك في بقائه ، ولو لم يحصل منها اليقين بالحدوث وجدانا.
والكلام في المقام في بيان المراد من اليقين المذكور في ذيل تلك الأخبار ، أعني قوله عليهالسلام «وانّما تنقضه بيقين آخر» (١) فهل يعم قيام الأمارة على الانتقاض ، فيرفع بها اليد عن الاستصحاب ، وتتقدم عليه ، أم لا؟ أصل الحكم ، أي تقدم الأمارة على الاستصحاب ، مما لا ريب فيه.
وانما الإشكال في وجه تقدمها عليه ، وأنه بالتخصيص ، أو الحكومة ، أو الورود ، أو التخصيص؟ وجوه.
أمّا التخصيص فتقريبه : ان النسبة بين دليل الاستصحاب ودليل حجية كل من الأمارات وان كانت عموما من وجه ، لأن دليل الاستصحاب يعم ما إذا كان بخلافه أمارة أو لم يكن ، كما ان دليل اعتبار الأمارة مطلقة من حيث قيام الاستصحاب على خلافه وعدمه. إلّا أن هذه النسبة ثابتة بين دليل حجية الأمارات ودليل الأصل العملي مطلقا ، وتقديمه عليها يستلزم عدم بقاء مورد لها
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١.