كما ان من علم باستمرار عذره واستيفائه الوقت جاز له البدار ، لكونه مكلفا بالصلاة الفاقدة لذاك الجزء أو الشرط المتعذر ، فإذا شك في بقاء العذر وعدمه ليس له البدار ، لعدم إحراز الأمر بالفاقد ، إلّا إذا بنينا على جريان الاستصحاب الاستقبالي ، فانه حينئذ يستصحب بقاء العذر إلى آخر الوقت ، فبالتعبد الشرعي يثبت الأمر الظاهري بالفاقد ، فيجوز الإتيان بها غايته جوازا ظاهريا لا واقعيا ، فإذا أتى به ولم ينكشف الخلاف إلى أن خرج الوقت فهو ، وإلّا فيبنى وجوب الإعادة وعدمها على اجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي وعدمه ، فان قلنا بالاجزاء ـ ولا نقول به ـ لم تجب الإعادة ، وإلّا فتجب.
وما ذكرناه جار في جميع الأعذار إلّا التيمم ، فقد وردت فيه روايات دالة على عدم البدار ولزوم التأخير. وفي بعضها ان فاته الماء فلا تفوته الأرض. وأخذ في بعضها عنوان عدم التمكن ، وهو محمول على اليأس عن التمكن من استعمال الماء ، ولهذا فصلنا في محله بين التيمم وغيره ، عكس ما أفتى به السيد في العروة من جواز البدار في جميع الأعذار سوى التيمم.
التنبيه الثاني : حكم الاستصحاب مع الشك التقديري.
بما ان الموضوع في أدلة الاستصحاب عنوان اليقين والشك فيعتبر في جريانه فعليتهما ، كما هو شأن جميع الأحكام المجعولة بنحو القضايا الحقيقية ، فانها كما عرفت تنحل إلى قضية شرطية ، مقدمها تحقق الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له ، ففعلية الموضوع لا بد منه في فعلية الحكم ظاهريا كان أو واقعيا ، فظاهر قوله الخمر حرام ، حرمة ما هو خمر تحقيقا لا تقديرا ، فلا يثبت به الحرمة لما هو خمر على تقدير الغليان. وكذا النهي عن نقض اليقين بالشك لا يعم الشك التقديري الّذي معناه عدم ثبوت الشك ، فإذا تيقن المكلف بشيء ثم غفل عنه لا يجري فيه الاستصحاب ، لعدم وجود الشك إلّا معلقا ، بمعنى أنه لو التفت يشك ، نظير ما لو غلى يكون خمرا.