نعم على مسلكه قدسسره فرق بين ما نحن فيه وبين حجية الخبر ، فان هناك بعد فرض عدم شمول الآيات للعمل بالخبر ، وعدم حجية السيرة ، لاحتمال كونها مردوعة ، وسقوط كلا الأمرين ، تصل حينئذ النوبة إلى التمسك بالأصل العملي ، وهو استصحاب بقاء حجية الخبر الثابتة قبل ورود الآيات الناهية ، كما ذكره قدسسره في هامش الكفاية (١). وأما في المقام ، فلا يمكن الرجوع إلى الاستصحاب ، فانه مصادرة ظاهرة ، لأن حجيته أول الكلام.
الثاني : ان اليقين بالحدوث يوجب الظن بالبقاء ، وهو حجة.
وفيه : منع الصغرى والكبرى. اما الكبرى ، فلأن مقتضى العمومات عدم جواز العمل بالظن إلّا ما خرج بالدليل ، ولم يقم دليل على اعتبار الظن بالبقاء الناشئ من اليقين بالحدوث.
واما الصغرى ، فلأنه ان أريد بالظن الظن الشخصي فهو مقطوع العدم. وان أريد به الظن النوعيّ فكذلك ، بداهة اختلاف قابلية الأشياء للاستمرار والبقاء ، ولا جامع بينها ليحصل الظن النوعيّ ببقاء ما حدث إلى مدة مظبوطة.
الثالث : الإجماع المحكي ، ولا يخفى وهنه ، إذ لو أريد به الإجماع المصطلح الكاشف عن رأي المعصوم عليهالسلام فهو مقطوع العدم ، لأن القائلين بحجية الاستصحاب ذكروا مدرك ذهابهم إليها. وإن أريد به مجرد الاتفاق ، فهو على تقدير ثبوته غير مفيد ، ومن هنا يظهر عدم اعتبار نقل الإجماع في المقام ولو بنينا على حجية الإجماع المنقول في نفسه ، فان المحصل منه ليس بحجية فضلا عن منقوله.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٠١.