فالتقليد عبارة عن العمل بقول الغير عن استناد إليه ، ولا يتم الاحتمالات السابقة ، لعدم الدليل عليها ، إلّا أنه لا يترتب ثمر عملي على تحقق معنى التقليد ، لعدم وروده في دليل لفظي حتى في جواز العدول عن الحي إلى غيره ، والبقاء على تقليد الميت وعدمه ، فان الحكم في الفرعين تابع لدليل ذلك ، لا لتحقيق معنى التقليد.
ومن الغريب ما ذكره بعض من اعتبار العمل في البقاء على تقليد الميت ، فان التقليد على ما ذكرناه هو العمل ، ولا معنى لاعتباره فيه. وبناء على القول بأنه هو الالتزام أو الأخذ أيضا لا يفرق في جواز البقاء بين العمل وعدمه ، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وأما ما ذكره في الكفاية (١) من ان التقليد ان كان بمعنى العمل لزم ان لا يكون العمل الأول الصادر من المقلد عن تقليد ، إلّا أنه لم يدل دليل على اعتبار كون العمل عن تقليد ، وانما اللازم ان يكون العمل عن حجة ، وهو متحقق في الفرض ، وان لم يصدق كونه عن تقليد اصطلاحا ، وهذه التعبيرات نحن سطرناها وليس لها عين ولا أثر.
مسائل مرتبطة ببحث التقليد :
مسألة : في جواز التقليد. ويدل عليه :
أولا : سيرة العقلاء ، فانها قائمة على رجوع الجاهل إلى العالم ، ولم يثبت عنها ردع شرعا ، فتكون ممضاة. ويدل على إمضائها قيام سيرة المتشرعة على الرجوع إلى العلماء في أحد الأحكام الشرعية عنهم في زمان الأئمة عليهمالسلام ، فان كل أحد لم يكن متمكنا من فهم كلمات الأئمة ، ولا أقل من جهة جهله بلغة العرب ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٤٣٥.