وأمّا الاحتياط أولا : لا بد في الرجوع إليه مع التمكن من التقليد من الاجتهاد أو التقليد ، فانه مسألة خلافية.
وثانيا : لا بد من معرفة موارده وكيفيته باجتهاد أو تقليد.
وثالثا : قد لا يمكن الاحتياط رأسا ، كما إذا كان عنده ماء واحد ، ولاقى مع المتنجس ، فانه بناء على تنجس المتنجس وظيفته التيمم ، وعلى القول بعدمه يبقى عليه الوضوء ، فلا بدّ حينئذ من الاجتهاد في تلك المسألة أو التقليد ، فإذا التقليد واجب ، اما تعيينا واما تخييرا.
مسألة : هل يجوز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم. الكلام فيها يقع في مقامين :
الأول : في وظيفة المقلد.
والثاني : في حكم المسألة.
أمّا المقام الأول : فالمقلد ليس له الرجوع إلى غير الأعلم مع وجود الأعلم ، فانه من دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية ، وقد عرفت سابقا ان مقتضى القاعدة فيه هو التعيين ، لأنه لا يحتمل أن يكون فتوى غير الأعلم حجة عليه تعيينا ، بل يعلم بأن فتوى الأعلم حجة عليه قطعا ، وهذا حتى إذا فرضنا ان غير الأعلم أفتى بجواز تقليد غير الأعلم ، فان حجية فتواه أول الكلام. نعم إذا أفتى الأعلم بذلك جاز للمقلد الرجوع إلى غير الأعلم بفتوى الأعلم.
وقد ناقش السيد قدسسره في العروة حتى في هذا الفرض ، ولم نعرف الوجه في مناقشته ، إلّا إذا فرض ان المقلد هو من أهل الخبرة ، وقد استقل عقله بعدم حجية فتوى المفضول عند معارضته مع فتوى الأعلم ، فالرجوع إليه حينئذ ليس من قبيل رجوع الجاهل إلى العالم ، بل لا يمكنه الرجوع حينئذ إلى فتوى الأعلم بجواز تقليد المفضول ، لاستقلال عقله بخلافه.